المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

147

هؤلاء، لكانت ثورة ناجحة). قال له السيّد: «أنتم ضغطتم على حرّيّة الناس، ومنعتموهم عن التعبير عن آرائهم وولائهم للمرجعيّة، فجاؤوا إلى هنا؛ ليعبّروا عن بعض ما في نفوسهم فما هو ذنبي؟!».

ثُمَّ طلب المجرم من السيّد أن يفتح باب البيت، ويعود إلى وضعه الطبيعيّ، ويستقبل كلّ من يأتي لزيارته، فرفض السيّد ذلك(1).

ثُمَّ استمرّ مسلسل المفاوضات إلى الفترة التي سبقت استشهاد السيّد(قدس سره)باُسبوع.

إنّني ـ والله ـ طيلة فترة الاحتجاز كنت أرى السيّد الشهيد(قدس سره)يتفانى من أجل الإسلام، ومن أجل المسلمين، ومن أجل العراقيّين المؤمنين المجاهدين، ولم أره يفكّر بنفسه ومصيره، وما سوف يعاني قبل الإعدام من تعذيب وحشىّ في غرف وأقبية الأمن العامّ.

تفاني السيّد الشهيد تفان عظيمٌ، وإخلاصه إخلاص عظيم، والشيء الذي أودّ أن أقوله: هو أنّه مهما فعلنا ومهما قمنا وأدّينا من أعمال جهاديّة ضدّ السلطة الظالمة كوفاء للسيّد الشهيد، لايفي ذلك بجزء يسير من حقّه علينا؛ لأنّ السيّد الشهيد تعذّب واستشهد من أجلنا، وإلّا فإنّه كان بإمكانه أن يجنّب نفسه كلّ المشاقّ والصعاب والآلام التي تحمّلها، ويعيش كأىّ مرجع آخر، ويجنّب نفسه الاستشهاد وهو في هذا العمر.

 

قِصّة استشهاده(رحمه الله):

أمّا استشهاده(قدس سره)فكان مروّعاً ومؤثّراً، فقد جاء مدير أمن النجف ظهراً ومن دون علم سابق، وقال للسيّد(قدس سره): إنّ المسؤولين يودّون اللّقاء بك في بغداد. فقال السيّد: «إن كانت زيارة فلا أذهب، وإن كان اعتقالاً فاعتقلني». فقال مدير الأمن: «سيّدنا اعتقال». فأخذ السيّد الشهيد وهو في كامل الاطمئنان بالاستشهاد ولقاء الله تعالى وأجداده الطاهرين؛ إذ كان (رضوان الله عليه) قد رأى رؤياً بعد انتهاء المفاوضات مع الشيخ الخاقانيّ: كأنّ أخاه


(1) كأنّما كان هذا مصيدة؛ لمعرفة من تبقّى من المخلصين.