المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

144

الرسالة ما معناه: «سيّدنا، نحن لانصلّي ولانصوم، لكنّا نراك مظلوماً، وهؤلاء البعثيّون ظلموك، وقد جمعنا هذا المال البسيط نرجو منك قبوله؛ لأنّك محجوز، وتحتاج إلى المال، ونحن ـ إن شاء الله ـ نأتي غداً في الساعة الثالثة بعد الظهر لنقتل هؤلاء المجرمين ـ الأمن ـ الذين يحتجزونك»!

بعض هؤلاء الأشخاص الموقّعين على الرسالة كنت أعرفهم معرفة إجماليّة، فلمّا سألني السيّد(قدس سره)عنهم أخبرته بوضعهم، فشككنا أن تكون هذه محاولة من السلطة للتعرّف إن كان هناك صلة للسيّد(قدس سره)بالخارج أو لا، ولكن كان المحكّ ما في الرسالة من وعد لقتل أفراد الأمن غداً بعد الظهر.

وقبل الموعد بربع ساعة تقريباً صعدت مع السيّد إلى الغرفة المطلّ شبّاكها على الزقاق الذي تتواجد فيه قوّات الأمن، وبقينا ننتظر.

في الوقت المحدّد رأينا ثلاثة أشخاص ملثّمين اقتحموا هذه المجموعة، وثلاثة آخرين اقتحموا المجموعة الاُخرى من الجانب الآخر، وبدؤوا معركة فريدة، سقط فيها عدد من أفراد الأمن جرحى، ولعلّ بعضهم قد مات فيما بعد، ثُمَّ لاذوا بالفرار، ولم يتمكّنوا من القبض عليهم.

السيّد الشهيد استأنس لمّا رأى ذلك، وقال: «الإسلام يحنّ حتّى إلى هؤلاء». وكان(قدس سره)يعتقد أنّ دمه الزكيّ لو اُريق فإنّه سوف يحرّك حتّى هذه الطبقة من الناس فضلاً عن الواعين والمؤمنين.

موقف آخر: كان بعض المؤمنين يرسلون إلى السيّد في فترة الاحتجاز بعض المبالغ، فكان(قدس سره) يرفض استلامها على رغم حاجته إليها، فقلت له في مرّة من المرّات: سيّدنا، لماذا ترفض المال ونحن في الحجز، وهذا الحجز قد يطول؟! فقال لي: «إنّ والدي السيّد حيدر(رحمه الله)(وكان والده من علماء مدينة الكاظميّة) في الليلة التي توفّي فيها ما ترك لنا ما نقتات به، فبقيت تلك الليلة مع والدتي وأخي المرحوم السيّد إسماعيل واُختي آمنة من دون طعام العشاء؛ إذ لم يكن عندنا ما نشتري به شيئاً نأكله، وأنا الآن ليس بيني وبين أن ألقى ربّي إلّا أن يأتي هؤلاء الظَّلَمة ويقتلوني، وأنتقل إلى جوار أجدادي الطاهرين، فلمن أدّخر المال؟!