المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

143

قبل أيّام من لندن وبعض العواصم الأوروبيّة، لمّا دخل إلى منزل السيّد دخل خاسئاً ذليلاً، وهو يحمل مشروعاً لفكّ الحجز، فقال في جملة ما قال: سيّدنا، إنّ هؤلاء العراقيّين الذين في لندن وفي اُوروبّا قلبوا الدنيا علينا لأجلك، نحن ماذا صنعنا بك؟! إنّهم نشروا صورك في كلّ مكان، ورفعوا لافتات ضدّنا، وأصدروا مناشير ضدّنا، نحن ماذا فعلنا حتّى يواجهونا بهذا الشكل؟!

وكنت أنا في مكان ما أسمع ما يجري بينهما، وبعد أن انتهى اللقاء قال لي السيّد الشهيد: أسمعت؟ فقلت: نعم، فرفع رأسه إلى السماء ـ وهو يقبض لحيته الكريمة بيده والدموع تجري من عينيه ـ ونادى العراقيّين بقوله: «بأبي أنتم لقد نصرتم الإسلام، ونصرتم القرآن!»، وظلّ يردّد: «بأبي أنتم».

هذا الموقف من العراقيّين المقيمين في خارج العراق أثّر في نفس السيّد الشهيد تأثيراً كبيراً؛ لأنّه أثبت للسلطة: أنّ المرجعيّة قوّة ممتدّة إلى كلّ مكان، وأنّ الاُمّة واعية ومدركة، بخلاف ما كانت تظنّه السلطة.

وهكذا كان أمل السيّد من العراقيّين جميعاً. وكان أحد أهمّ الدوافع التي جعلت السيّد(قدس سره)يصرّ على اختيار الاستشهاد ـ رغم الإمكانات التي كانت متاحة لإنقاذه من مخالب السلطة ـ أنّه كان يعتقد أنّ العراقيّين سيثأرون لدمه، ولن يقبلوا بأقلّ من إسقاط الحكم التكريتيّ العميل وإقامة حكومة إسلاميّة، وقد كنت أسمع السيّد الشهيد(قدس سره)يكرّر قوله: «إن لم يُرَقْ دمي أستبعد أن يسقط هذا الحكم». وكان أمله في كلّ واحد منّا أن نكون بمستوى آمال السيّد وبمستوى كلمته «بأبي أنتم».

هل لبّينا هذه الدعوة؟!

وهل حقّقنا للسيّد ما كان يرجوه من دمه؟! وهل نحن حقّاً بمستوى أن يخاطبنا المرجع المظلوم بقوله: «بأبي أنتم»؟!

موقف آخر: وصلت إلينا في يوم من أيّام الحجز رسالة من بعض النجفيّين غير المعروفين بالتديّن، كان فيها عشرة أو خمسة عشر ديناراً، والرسالة مكتوبة بلغة شعبيّة وبسيطة، فيها ألوان التهجّم على السلطة، وفيها الولاء والمحبّة للسيّد الشهيد، ثُمَّ تقول