المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

119

المؤمنات قد اشتركن في هذه التظاهرات، على رغم علمهنّ بالعواقب الخطيرة التي تترتّب فيما لو وقعن في قبضة السلطة، وكانت الشهيدة ـ رحمها الله ـ تذكرهنّ بالأسماء باعتزاز وتقدير وإكبار، وهكذا كان شهيدنا الغالي يرفع يديه إلى السماء يدعو الله تعالى لهنّ، ولكلّ المخلصين والمجاهدين الذين وقفوا مع الإسلام في محنته في رجب، وما تلاه من أشهر الحصار والمعاناة.

 

لماذا اُفرج عن شهيدنا الغالي؟

 

قد أشرنا سابقاً: أنّ اعتقال السيّد الشهيد في رجب كان بهدف التصفية الجسديّة، وليس مجرّد التحقيق عن أحداث رجب العظيمة، فقد أكّد سيّدنا الشهيد أنّ كلّ الدلائل كانت تشير إلى ذلك: منها اُسلوب التعامل، الكلمات البذيئة التي يسمعها من هذا وذاك، التهديد القاسي، وغير ذلك.

وحين حضر المجرم فاضل البرّاك، وبدأ باستجواب السيّد كان الجوّ يؤكّد تلك الحقيقة، ولكن بعد ساعة واحدة من بداية التحقيق دخل أحد ضباط الأمن، وسلّم فاضل البرّاك ورقة صغيرة تغيّر بعدها اُسلوب التحقيق، واعتذر البرّاك للسيّد من اعتقاله، وقال له: في الحقيقة لم يكن هدفنا الاعتقال، بل التفاهم في هذه الاُمور التي وقعت، وبدأ يلاطف السيّد الشهيد(رحمه الله).

يقول السيّد الشهيد (رضوان الله عليه): لقد أحسستُ من التغيّر المفاجئ أنّ حدثاً ما قد وقع، ولكن ما هو؟ ولماذا تغيّر الاُسلوب بهذه السرعة؟

لم يُخفِ البرّاك الحقيقة، فقال للسيّد الشهيد: إنّ تظاهرات كبيرةً جدّاً في النجف والكاظميّة قد خرجت احتجاجاً على اعتقالكم، في حين حقيقة الأمر أنّ مجيئكم إلى هنا لم يكن اعتقالاً، وإنّما وقع اشتباه من قبل الرفيق (أبو سعد) حيث فسّر طلبنا بالاجتماع بكم بالاعتقال، في حين نحن لم نقصد ذلك، وأنت الآن حرّ في البقاء أو الذهاب. ثُمَّ قال: ولأجل أن نبرهن لكم عن حسن نيّاتنا فإنّكم ستذهبون إلى النجف بسيّارتي الخاصّة.