المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

116

الصدر(رحمه الله)، فكانت التظاهرة الاحتجاجيّة العظيمة التي أرعبت حكّام بغداد الخونة، وجعلتهم في مأزق صعب اضطرّهم إلى الإفراج عن السيّد الشهيد (رحمه الله).

ولكن كيف بدأت هذه الخطوة؟ وكيف استطاعت شهيدتنا العظيمة أن تنجح في الإعداد لتظاهرة في يوم وساعة وظرف تكاد تكون فيه مثل هذه الأعمال مستحيلة، بسبب الوضع الأمنيّ الخانق والطوق الإرهابيّ المفروض على شعبنا؟

حين اعتُقل شهيدنا العظيم في ساعة مبكّرة كان الناس نياماً، والشوارع خالية، ولم يشهد حادث الاعتقال إلّا نفر يسير ممّن وجد صدفةً في ذلك الوقت.

مع ذلك فكّرت شهيدتنا العظيمة بالذهاب إلى الحرم العلويّ الطاهر؛ لإعلام الناس بالحادث، ولكنّها لم تجد العدد المطلوب، فذهبت ثانيةً بعد أن أشرقت الشمس واستيقظ الناس، وهناك عند جدّها أمير المؤمنين علىّ(عليه السلام) علا صوتها الزينبيّ، وبدأت تخاطب جدّها، كما فعلت زينب(عليها السلام) بعد قتل أخيها الحسين بعبارات مؤثِّرة، وكلمات من قلب صادق.

واستطاعت أن تحشّد الناس، وتثير في نفوسهم الغيرة للانتقام من معتقلي المرجع المظلوم.

إلى جانب الشهيدة العظيمة كانت هناك مجموعة من الطلبة والمؤمنين(1) قد هزّهم


(1) وأحدهم السيّد علي أكبر الحائريّ الذي كتب يقول في شرح القِصّة ما يلي:

عند ما اعتُقل السيّد الشهيد(رحمه الله) في ساعة مبكّرة من صباح يوم السابع عشر من رجب سنة (1399 هـ ) كانت الشهيدة (بنت الهدى) أوّل من خرجت لإشاعة هذا النبأ، وكسر طوق التعتيم البعثىّ الذي كانوا يخيّمونه على جرائمهم، فنطقت نطقها صارخة فى حرم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأدّت دورها البطولىّ الرائع فى إبلاغ خبر اعتقال هذا المرجع العظيم من قبل جلاوزة السلطة الغاشمة، وسرعان ما اشتهر هذا النبأ فى أوساط المؤمنين المخلصين للسيّد الشهيد(رحمه الله) فى النجف الأشرف، وكان الخبر فى بادئ الأمر على شكل شائعة غير مؤكّدة، وكان جلاوزة الأمن واقفين على باب دار السيّد الشهيد يراقبون الأوضاع عن كثب خشية وقوع حادثة أو ردّ فعل معيّن.

وبعد التأكّد من الخبر وقع الاضطراب والبلبلة فى أوساط المؤمنين، وكانت تخيِّم علينا جميعاً حالة التحيّر والشكّ فى الوظيفة العمليّة، رغم إحساس الجميع بضرورة وقوع ردّ فعل جماهيريّ عظيم تجاه هذه الجريمة النكراء التى قامت بها السلطة الظالمة، ولكن كلّ يقول: ماذا نصنع؟ كيف نتحرّك؟ ما هي الوظيفة؟