المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

57

وأمّا على مسلك حكم العقل فالأمر مستعمل في الطلب، ولا موجب لتخصيصه بالفقيه؛ إذ لا دليل على عدم الطلب في غير الفقيه، فيحكم العقل في الفقيه بالوجوب لعدم الترخيص، وفي غيره بالاستحباب للترخيص، كما أنّه على مسلك الإطلاق نقول: إنّ مفاد «أكرم العالم» هو الطلب، ومقتضى إطلاقه هو الوجوب، وقد سقط الإطلاق في غير الفقهاء، ولكن أصل الطلب لا موجب لسقوطه.

ومنها: أنّه لو كان عندنا أمران، وعلمنا أنّه ورد الترخيص لأحدهما دون الآخر، ولم نستطع التعيين، فبناءً على مسلك الوضع أو الإطلاق يقع التعارض بينهما ويتساقطان، ولا يثبت الوجوب حتّى لأحدهما على ما يظهر من كلام المشهور في باب تخصيص العامّ بالمخصّص المردّد بين متباينين، حيث يظهر منهم تساقط العموم في كلا الموردين وعدم ثبوت أحدهما على الاجمال.

وأمّا بناءً على مسلك الحكم العقليّ فلا تعارض بين الأمرين، وإنّما العقل يحكم بالوجوب فيما لم يرد فيه الترخيص، وبالاستحباب فيما ورد فيه الترخيص، وحيث لا يعلم أنّ أيّ الأمرين لم يرد فيه الترخيص وأ يّهما ورد فيه يحصل العلم الإجماليّ بوجوب أحدهما.

نعم، على مسلكنا في تخصيص العامّ بالمردّد بين المتباينين من حجّيّته في الآخر على إجماله لا تتمّ هذه الثمرة.

ومنها: أنّه بناءً على مسلك الإطلاق بالتقريب الذي ذكره المحقّق العراقيّ (رحمه الله): من أنّ الأمر يكون ظاهراً بإطلاقه في الطلب الشديد يثبت بنفس النكتة أعلى مراتب الوجوب، فلو وقع التزاحم بين واجبين: أحدهما ثبت بأمر لفظيّ، والآخر بالإجماع، قدّم دائماً ما يثبت بالأمر اللفظيّ؛ لأنّ دليله يدلّ على كونه في أعلى مراتب الوجوب بخلاف دليل الآخر؛ لأنّ احتمال الأهمّيّة يكون في باب التزاحم من المرجّحات، وهنا لو كان الواجب الثاني أيضاً في أعلى مراتب الوجوب لتساويا، وإلّا فالأوّل أهمّ منه، فقد دخل ذلك في باب احتمال الأهمّيّة.