المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

55

الصلاة، فأذّن وأقم واقرأ الدعاء الفلانيّ وتخشّع»، ونحن نعلم أنّها كلّها أوامر استحبابيّة عدا الإقامة، فلا ندري أنّها مستحبّة أو واجبة، فعندئذ يرفع اليد عن ظهور أمرها في الوجوب، وهذا على مسلك الوضع تامّ، فإنّ استعمال الأمر بالإقامة في الوجوب دون باقي الأوامر خلاف ظهور وحدة السياق. وأمّا بناءً على مسلك الحكم العقليّ، فهذه الأوامر كلّها استعملت في معنىً واحد وهو الطلب، وافتراض ورود الترخيص في بعضها ممّا يوجب عدم حكم العقل بالوجوب، وعدمه في بعضها ممّا يوجب حكم العقل بالوجوب لا ينافي وحدة السياق، وكذلك الحال بناءً على الإطلاق، فإنّ ثبوت التقييد في بعض الإطلاقات وبقاء الباقي على الإطلاق مع كون الأمر فيها جميعاً مستعملاً في مدلوله الوضعيّ الواحد ـ وهو الطلب ـ لا ينافي وحدة السياق، فمثلاً لو ورد: «أكرم العالم، وأكرم الهاشميّ، وأكرم الكريم»، ثُمّ عرفنا تقييد العالم والهاشميّ بالعدالة، لم يوجب ذلك رفع اليد عن إطلاق الكريم لغير العادل(1)، فكذلك الحال فيما نحن فيه، أي: الأوامر الواردة في سياق واحد حينما يثبت عدم إرادة الإطلاق المقتضي للوجوب في بعضها.

ومنها: أنّه لو فرض وجود أمر واحد بشيئين، لا أوامر متعدّدة، من قبيل «اغتسل للجمعة والجنابة»، وعلمنا من الخارج بأنّ غسل الجمعة ليس بواجب، فهل يمكن إثبات وجوب غسل الجنابة مثلاً بمثل هذا الأمر، أو لا؟



(1) يمكن دعوى الفرق بين المقام وبين المثال المذكور، وذلك ببيان: أنّ المقصود في المقام هو التمسّك بإطلاق الهيئة، وهي في الجميع هيئة واحدة، أو قل: إنّ الهيئات متماثلة ومتكرّرة، فكونها في بعض المرّات في مقام بيان القيد بخلاف بعض المرّات خلاف وحدة السياق، وأمّا في المثال فالمقصود هو التمسّك بإطلاق المتعلّق، والمتعلّق في كلّ أمر غيره في الأمر الآخر، وليست المتعلّقات متماثلة، فهي أبعد في وحدة السياق ممّا نحن فيه، على أنّه قد يلتزم بوحدة السياق في هذا المثال أيضاً ولو بلحاظ نفس الدلالات الإطلاقيّة، فإنّها متماثلة ومتكرّرة في سياق واحد، فإرادة بعض وعدم إرادة البعض خلاف الظاهر.