المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

53

يكون مفاده السعة من قبيل إطلاق العالم للفقيه وغيره، واُخرى يكون مفاده التعيين من قبيل انصراف السيّد بإطلاقه إلى سيّد البلد مثلاً، فإذا كان الإطلاقان كلاهما إطلاقاً للتوسعة وبينهما مادّة اجتماع ومادّتا افتراق من قبيل: «أكرم العالم ولا تكرم الفاسق»، فلا وجه لتقديم أحدهما على الآخر بالخصوص، ومن هذا القبيل قوله في المتنجّس بالبول: «صبّ عليه الماء مرّتين»، وفي المتنجّس ببول الصبيّ: «صبّ عليه الماء»، أعني: أنّ الإطلاق في كلّ منهما للتوسعة، ومادّة الاجتماع صبّ الماء مرّتين في بول الصبيّ، ومادّتا الافتراق صبّ الماء مرّتين في بول غير الصبيّ، وصبّ الماء مرّة واحدة في بول الصبيّ، فإن لم يتمّ الوجه الأوّل فلا مبرّر لتقديم أحدهما على الآخر. وأمّا إذا كان أحد الإطلاقين يفيد التوسعة والآخر يفيد تعيين الفرد، كما لو قال: «أكرم العلماء»، وقال: «لا تكرم زيداً» وعندنا زيدان: جاهل وعالم، وكان اللفظ منصرفاً إلى العالم، فهنا يعامل معاملة العامّ والخاصّ؛ حيث إنّ العرف يرى: أنّ النتيجة المتحصّلة من هذا الإطلاق هي عدم إكرام شخص خاصّ من العلماء، وهي أخصّ من النتيجة المتحصّلة من «أكرم العلماء».

وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ إطلاق العالم للفقيه من باب التوسعة، ودلالة الأمر بالإطلاق على الوجوب من باب التعيين، فالعرف يأخذ النتيجة المتحصّلة من كلا الإطلاقين، ويرى: أنّ الثانية أخصّ من الاُولى(1). هذا.



(1) لا يخفى: أنّ كلّ هذا مبتن على تصوّر كون تقدّم الخاصّ على العامّ بالقرينيّة. أمّا بناءً على ما هو المختار من كونه بالأقوائيّة، فكلّ هذا البيان لا يأتي، ولا يبقى إلّا شيء واحد، وهو: أنّ فرض كون دلالة الأمر بالوضع يكون في صالح أقوائيّة الخاصّ الدالّ على الوجوب أكثر من فرض كون دلالته بالإطلاق؛ لأنّ الوضع أقوى من الإطلاق، فقد لا تُقبل أحياناً أقوائيّة الخاصّ بناءً على كون دلالته على الوجوب بالإطلاق، وتُقبل بناءً على كونها بالوضع.