المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

50

وزيادة أشدّ، ولكن الزيادة الأخفّ ليست بنحو يتسامح فيها العرف، ويفرضها عدم الزيادة، كما في الحالة الثانية، بل كلتا الزيادتين ملحوظتان للعرف، فلا معنى لتطبيق أصالة عدم زيادة مرامه على مدلول كلامه ولو بالمسامحة العرفيّة، فنحتاج إلى مؤونة زائدة على كبرى مقدّمات الحكمة، وهي: أن نعرف صدفةً بقرينة من القرائن أنّ المتكلّم بالرغم من سكوته عن كلتا الزيادتين هو في مقام بيان الزيادة، إذن فقد اعتمد في مقام بيان الزيادة على نفس السكوت، فإذا دار الأمر بين جعل عدم بيان الأشدّ قرينة على الأخفّ، أو جعل عدم بيان الأخفّ قرينة على الأشدّ، تعيّن الأوّل طبعاً في نظر العرف على الثاني، ففي مثل ذلك لم تنطبق تلك الكبرى الأوّليّة وهي أصالة كون مرامه لا يزيد على مدلول كلامه؛ إذ ـ على أيّ حال ـ قد زاد مرامه على مدلول كلامه حتّى عرفاً، وإنّما استعنّا بعناية زائدة على مقدّمات الحكمة، وهي إحراز أنّ المولى في مقام بيان الزيادة بالرغم من سكوته عنها، وهذا الإحراز أمر اتّفاقيّ قد يحصل وقد لا يحصل، ومثال ذلك ما نحن فيه، فإنّ الأمر إنّما يدلّ على الطلب، ومرام المولى فيه زيادة على الطلب ملحوظة حتّى عند العرف، وتلك الزيادة مردّدة بين زيادة أخفّ وهي عدم الترخيص في الخلاف وزيادة أشدّ وهي الترخيص في الخلاف، أو بين زيادة أخفّ وهي شدّة الإرادة وزيادة أشدّ وهي عدم الإرادة الزائدة، حيث إنّ الأمر إنّما هو موضوع للجامع بين الإرادة الشديدة والخفيفة، فشدّة الإرادة وإن كانت من سنخ الإرادة لكنّها خارجة عن الموضوع له، فهنا لابدّ من الاستعانة بعناية زائدة غير أصالة كون مرام المولى لا يزيد على مدلول كلامه، وتلك العناية هي إحراز كون المولى بالرغم من سكوته بصدد بيان الزيادة، فقد فرض سكوته عن إحدى الزيادتين بياناً للزيادة الاُخرى حتّى تتعيّن عندئذ في نظر العرف الزيادة الأخفّ وهي شدّة الإرادة، أو عدم الترخيص في الخلاف، وهذه العناية الزائدة ـ كما ترى ـ لا تحصل دائماً وفي