المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

492

ببرهان: أنّه إمّا أن يكون الموضوع هو الضرب فقط، أو هو مع التأديب، أو التأديب فقط. والأوّل غير معقول؛ إذ التأديب بعد أن كان هو ملاك الحسن كان أولى به من فاقده، فإنّ واجد الشيء يعطيه لا فاقده، والثاني خلف المفروض؛ إذ معناه: أنّ هناك حكمين عقليّين على موضوعين وحيثيّتين، تقييديّتين، فينحصر الأمر بالثالث، وهو أن تكون حيثيّة التأديب هي موضوع الحكم العقليّ.

وهذا بخلاف الأحكام الشرعيّة المجعولة؛ فإنّها ربما تجعل لا على حيثيّاتها التعليليّة، كجعل الوجوب على الصلاة؛ لكونها ناهية عن الفحشاء، باعتبار عدم كون تلك الحيثيّة عرفيّة، أو عدم كون مصداقها متعيّناً لدى العبد، أو غير ذلك من الموجبات التي تقدّمت الإشارة إليها في بحث الفرق بين الواجب النفسيّ والغيريّ.

وبخلاف القضايا العقليّة النظريّة في غير التشريعيّات؛ فإنّ الحيثيّات التعليليّة التي على أساسها أدرك العقل تلك القضايا ربما تكون واسطة في الثبوت فقط، وربما تكون واسطة في العروض وحيثيّة تقييديّة، ومن الواضح: أنّ وجوب المقدّمة شرعاً ـ على القول به ـ من مدركات العقل النظريّ دون العمليّ، فلا تشمله القاعدة الموروثة في حيثيّات أحكام العقل العمليّ.

وثانياً: قد تقدّم في أبحاث التعبّديّ والتوصّليّ: أنّه لا يشترط تعلّق الوجوب بالحصّة الاختياريّة من الفعل خاصّة، بل يمكن تعلّقه بالجامع بينها وبين الاختياريّة.

ثُمّ لو سلّم لزوم الاختصاص، وأنّ الباعثيّة لا تكون إلّا إلى الحصّة الاختياريّة من الفعل، فذلك إنّما يمكن تسليمه في الواجبات النفسيّة التي تجعل لغرض الداعويّة، لا الواجبات الغيريّة التي لا تجعل ـ على القول بها ـ من أجل الداعويّة، وإنّما هي واجبات قهريّة تبعيّة.