المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

491

الحيثيّات في الأحكام العقليّة تقييديّة دائماً حتّى في أحكام العقل النظريّ، ولكنّه اعترض بخروج المقام عن ذلك؛ لأنّ وجوب المقدّمة المبحوث عنه هو الوجوب الشرعيّ لا العقليّ، والعقل مجرّد كاشف عنه(1).

مع أنّ هذا تهافت؛ إذ بعد تسليم رجوع الحيثيّات إلى التقييديّة في الأحكام العقليّة العمليّة والنظريّة معاً لا وجه لدعوى خروج محلّ الكلام عن تلك القاعدة؛ إذ ليس دور العقل في الأحكام العقليّة سوى الكشف والإحراز، وهو واضح، خصوصاً في أحكام العقل النظريّ، فالتسليم بتلك المقدّمة مناقض للاعتراض المذكور.

والتحقيق في الجواب على هذا الكلام أن يقال:

أوّلا: إنّ رجوع الحيثيّات التعليليّة في الأحكام العقليّة إلى الحيثيّات التقييديّة كلام موروث يراد به الأحكام العقليّة العمليّة، دون النظريّة، والتي منها وجوب المقدّمة شرعاً(2).

توضيح ذلك: أنّ الأحكام العقليّة العمليّة إدراكات لاُمور واقعيّة نفس الأمريّة، هي الحسن والقبح في الأفعال، وكونها ممّا ينبغي أو لا ينبغي، وكلّ فعل عرض عليه عنوان حسن أو قبيح سرى إليه عقلا الحسن والقبح على أساس الواسطة في العروض لا غير، وليست كالأحكام الشرعيّة جعولا وانشاءات بيد الجاعل، فإذا كانت حيثيّة التأديب هي الواسطة في عروض الحسن للضرب، فلا معنى لافتراض: أنّ موضوع هذا الحكم النفس الأمريّ هو الضرب دون التأديب، وذلك



(1) راجع المحاضرات، ج 2، ص 407 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

(2) قد التفت الشيخ الإصفهانيّ (رحمه الله) إلى هذا الجواب في تعليقه على نهاية الدراية. راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 134، تحت الخطّ بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.