المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

490

فموضوع البحث هنا هو المعنى الأوّل، وهو القول باختصاص الوجوب بالمقدّمة التي يقصد معها التوصّل.

وهذا الاحتمال يواجه بدواً استغراباً؛ إذ لا نكتة ولا ملاك في تقييد الواجب الغيريّ بقصد التوصّل؛ لأنّ ملاك الوجوب الغيريّ للمقدّمة: إمّا أن يكون حيثيّة توقّف الواجب النفسيّ عليها، وهو يقتضي وجوب مطلق المقدّمة، وإمّا أن يكون حيثيّة حصول الواجب النفسيّ به، وهو يقتضي وجوب المقدّمة الموصلة بالخصوص، فاعتبار قصد التوصّل لا موجب له.

وقد حاول المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) توجيه ذلك بتقريب مؤلّف من مقدّمتين:

الاُولى: أنّ الحيثيّات التعليليّة في الأحكام العقليّة العمليّة أو النظريّة كلّها تقييديّة، بحيث تكون هي موضوع ذلك الحكم العقليّ، فالحكم بجواز ضرب اليتيم للتأديب موضوعه الضرب التأديبي، والحكم باستحالة الدور للتناقض مثلا موضوعه استحالة التناقض، لا الدور بما هو دور، وعليه يكون وجوب المقدّمة الثابت بحكم العقل بالملازمة موضوعها الموصل؛ لأنّ الموصّليّة هي الحيثيّة التعليليّة للحكم المذكور.

الثانية: أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بالحصّة الاختياريّة من المتعلّق؛ إذ يستحيل البعث نحو غير الاختياريّ، فالحصّة غير الاختياريّة لا تقع مصداقاً للواجب وإن كانت محصّلة للغرض، والعنوان الواجب لا يقع اختياريّاً إلّا إذا صدر عن قصد وإرادة واختيار له، فإذا كان التوصّل بعنوانه هو الواجب الغيريّ فلا يقع مصداقاً للواجب ما لم يصدر هذا العنوان عن قصد(1).

وقد اعترف السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ بما ذكر في هذا التقريب: من كون



(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 133 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.