المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

489

وقد أفاد السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ: أنّ هذا التقييد هو نفس التقييد السابق الذي اختاره صاحب المعالم (رحمه الله)، غير أنّه جعله من قيود الوجوب، والشيخ(قدس سره) جعله من قيود الواجب(1)، ولكن الصحيح هو الفرق بينهما من ناحية القيد أيضاً، فإنّه عند صاحب المعالم هو إرادة ذي المقدّمة، وهي غير قصد التوصّل، ولذلك ربما يكون الإنسان مريداً تحقيق ذي المقدّمة، ولكنّه مع ذلك يأتي بالمقدّمة بغير قصد التوصّل بها فعلا إلى ذي المقدّمة، فإرادة ذي المقدّمة بمعناها الحقيقيّ لا تساوق قصد التوصّل بالمقدّمة.

وأيّاً ما كان، فهذا الاحتمال وإن نسب إلى الشيخ(قدس سره)، إلّا أنّ عبارة التقرير مشوّشة، ولذلك يحتمل فيه عدّة تفسيرات:

الأوّل: ما ذكر من أخذ قصد التوصّل قيداً في الواجب الغيريّ.

الثاني: أن يكون المقصود: أنّ وقوع المقدّمة امتثالا وعبادة موقوف على قصد التوصّل بها إلى امتثال ذي المقدّمة.

وهذا المعنى لو كان هو المقصود، فهو معنىً صحيح؛ لما تقدّم: من أنّ الوجوب الغيريّ بنفسه لا يكون قربيّاً، وإنّما قربيّة المقدّمة تكون بقصد التوصّل إلى امتثال ذيها.

الثالث: أن يكون المقصود: أخذ قصد التوصّل في الواجب نفسه كما في الاحتمال الأوّل، غير أنّه في خصوص المقدّمات المحرّمة التي يتوقّف عليها الواجب الأهمّ فهي تقع محرّمة، إلّا إذا جيء بها بقصد التوصّل، فتكون واجبة، وأمّا المقدّمة المباحة، فهي مصداق للواجب مطلقاً.

وهذا المعنى سوف يقع الحديث عنه لدى التعرّض لثمرة البحث في وجوب المقدّمة على اختلاف صيغه.



(1) راجع المحاضرات للفيّاض، ج 2، ص 404 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.