المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

487

وهذا الوجه غير تامّ؛ ذلك أنّ اشتراط الوجوب الغيريّ بإرادة الواجب النفسيّ يتصوّر بأحد أنحاء:

الأوّل: أن يكون الشرط إرادة الواجب النفسيّ، وسدّ أبواب عدمه من غير جهة هذه المقدّمة.

ومن الواضح: أنّه على هذا يرتفع المحذور موضوعاً.

الثاني: أن يكون الشرط صدق القضيّة الشرطيّة القائلة: إنّه لو أوجد هذه المقدّمة لأراد ذا المقدّمة، فكلّ من يريد الصلاة على تقدير الوضوء يجب عليه الوضوء.

وهذا في الروح وإن كان راجعاً إلى الأوّل، غير أنّه يختلف عنه صياغة، فالشرط هنا صدق القضيّة الشرطيّة نفسها، والذي لا يستلزم صدق طرفيها، فلا يكون الاشتراط به في قوّة الاشتراط بإرادة المقدّمة.

الثالث: أن يكون الشرط هو إرادة ذي المقدّمة من كلّ الجهات.

وهذا هو الذي يستلزم المحذور الذي أفاده المحقّق العراقيّ (رحمه الله)، غير أنّ الصحيح: عدم المحذور في هذا الفرض أيضاً؛ لأنّ محذور تحصيل الحاصل: إمّا أن يكون بنكتة التهافت، باعتبار كون طلب الشيء مساوقاً لفقده، فكونه حاصلا تهافت وتناقض، وإمّا بنكتة اللغويّة؛ إذ الأمر من أجل قدح الداعي نحو المطلوب لتحصيله، فلو فرض حصوله، كان من اللغو طلبه.

وكلتا النكتتين غير موجودة في المقام: أمّا التهافت، فلأنّ الشرط إنّما هو إرادة الواجب لا حصوله، والتهافت إنّما يكون في فرض شرط حصوله، وأمّا اللغويّة بملاك عدم الداعويّة، فلأنّ الوجوب الغيريّ ـ عند القائلين به ـ لا يكون استقلاليّاً في الجعل، وإنّما هو وجوب تبعيّ قهريّ، فلا تكون اللغويّة محذوراً مانعاً عن وجوده، بل قد تقدّم: أنّ الوجوب الغيريّ لا داعويّة مستقلّة له، وإنّما الداعويّة للواجب النفسيّ دائماً، فإشكال اللغويّة لا موضوع له في الواجبات الغيريّة.