المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

483

إلى المولى، وإنّما التقرّب يعقل إذا كان الفعل أرجح عند المولى من الترك، وإنّما يكون أرجح بضمّ ملاك مقدّميّته للصلاة، والمفروض: أنّ قصد التوصّل إلى الصلاة ليس مصحّحاً للعباديّة، بل يمكن أن يفرض وجوب الترك لولا مقدّميّته للصلاة الواجبة، كما لو أمر الوالد بترك الوضوء وكانت إطاعته واجبة، ولكن وجوب الصلاة أهمّ من إطاعة الوالد(1)، فلابدّ أن يعترف صاحب الكفاية بأنّ قربيّة الوضوء وعباديّته غير منحصرة بقصد الأمر النفسيّ.



(1) فإن قلت: إنّ استحباب ترك الوضوء لأجل قضاء حاجة المؤمن، أو وجوبه لأجل إطاعة الوالد قد سقط بالمزاحم الأهمّ، وهو الوجوب المقدّميّ للصلاة، أو قل: وجوب الصلاة، ومع سقوط الأمر لا كاشف عن الملاك، فيبقى الأمر الاستحبابيّ بالوضوء بلا مزاحم، ويتمسّك بإطلاقه.

قلت: أوّلا: إنّ صاحب الكفاية لا يقول بتبعيّة الدلالة الالتزاميّة للمطابقيّة في السقوط، وعدم إمكانيّة كشف الملاك، فالإشكال مسجّل على صاحب الكفاية.

وثانياً: إنّه بالإمكان أن يقال: إنّ المتفاهم عرفاً ـ بمناسبات الحكم والموضوع من مثل دليل قضاء حاجة المؤمن، أو وجوب إطاعة الوالد، أو نحو ذلك ممّا له نكات عرفيّة وليس تعبّديّاً صرفاً ـ أنّ قضاء حاجة المؤمن، أو طاعة الوالد، أو نحوهما في ذاته أمر حسن ومطلوب وإن فرضت مزاحمته أحياناً بما هو أهمّ منه، فعند المزاحمة بالأهمّ إنّما يرفع اليد عنه لتقدّم الأهمّ، لا لعدم المقتضي.

وثالثاً: إنّه بالإمكان أن يفرض ـ تسجيلا للنقض ـ وجود فردين للمقدّمة، أصبح ترك أحدهما مطلوباً استحبابيّاً، كما لو كان ماءان: أحدهما عذب حلو، والآخر مجّ مالح، وكان طلب المؤمن منصبّاً على عدم الوضوء بالماء الأوّل، فتوضّأ به برغم فرض أهمّيّة استجابة طلب المؤمن من استحباب الوضوء، أو تساويها معه، فهنا استحباب الترك غير ساقط بالتزاحم مع الوجوب المقدّميّ؛ لأنّ الوجوب المقدّميّ ثابت على الجامع، فلا تزاحم بينهما.