المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

481

هذه العباديّة اُخذت في متعلّق الأمر، فكيف يفرض نظرها إلى نفس هذا الأمر؟ وإن فرضت بلحاظ قصد التوصّل إلى ذي المقدّمة، فهذا أيضاً دور؛ لأنّ قصد التوصّل بالوضوء إلى الصلاة فرع كونه مقدّمة؛ إذ لا يعقل قصد التوصّل بشيء إلى شيء لا يكون مقدّمة له، وكونه مقدّمة له فرع قصد التوصّل؛ لأنّنا فرضنا: أنّ العباديّة دخيلة في مقدّميّة المقدّمة، وهو معنى الدور.

وهذا التقريب جوابه الواضح الساذج: أنّه لو سلّم بطلان الشقّ الأوّل بالدور، لا نسلّم بطلان الشقّ الثاني؛ إذ لا دور فيه؛ فإنّنا لا نفترض كون المقدّمة مجرّد انقداح حالة التقرّب في النفس، وإنّما المفروض: أنّ المقدّمة عبارة عن مجموع الأمرين: من الفعل الخارجيّ والتقرّب، ومعه يكون الفعل الخارجيّ مقدّمة أيضاً؛ لأنّ جزء المقدّمة مقدّمة، فيعقل قصد التوصّل به إلى ذيه؛ إذ لا يتوقّف ذلك إلّا على دخله ضمناً في تحقّق ذي المقدّمة، وهو حاصل. ومن حسن الصدفة: أنّ نفس قصد التوصّل هو الجزء الآخر، وبذلك تتحقّق المقدّمة كاملة، بلا لزوم دور.

إلّا أنّ صاحب الكفاية ذكر في مقام الجواب على هذا الإشكال: أنّنا نختار شقّاً ثالثاً، وهو كون العباديّة من ناحية الاستحباب النفسيّ، فإنّ الطهارات الثلاث مضافاً إلى مقدّميّتها للصلاة الواجبة تتّصف بالأمر النفسيّ الاستحبابيّ، فيؤتى بالوضوء بقصد امتثال هذا الأمر الاستحبابيّ، ولا يلزم دور.

وهذا الجواب يوجد هناك اعتراضان واردان عليه، وبعض الاعتراضات غير الواردة عليه.

أمّا الاعتراضان الواردان:

فأحدهما: ما أشار إليه نفسه، وصار بصدد الجواب عنه، وهو: أنّه إذا كان المصحّح لعباديّة الوضوء هو قصد الأمر النفسيّ الاستحبابيّ المتعلّق بالوضوء، لزم أنّه في حالة الاعتقاد بعدم الاستحباب النفسيّ، أو حالة عدم الالتفات إليه، وتوجّه