المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

480

البيان غير صحيح في نفسه كما نبّه عليه في الكفاية(1)؛ إذ هذا البيان ينتج كفاية قصد الأمر الغيريّ وصفاً لا غاية وإن كان قصده غايةً كافياً في المقام من باب أنّه يشتمل ـ لا محالة ـ على قصده وصفاً؛ إذ هو ـ لا محالة ـ قصد العنوان المأمور به، ولو فرض خطأه في التطبيق، وتخيّله: أنّ ذلك العنوان ليس إلّا عبارة عن عنوان الوضوء، فإنّ هذا الخطأ في التطبيق لا ينافي قصد عنوان المأمور به على إجماله، إلّا على فرض التقييد في القصد.

وعلى أيّ حال، فمفاد هذا البيان إنّما هو ضرورة كون المتوضّي قاصداً إجمالا ذلك العنوان الذي اُمر به، بأن يكون عنوان الأمر مشيراً إلى ذلك، أمّا أنّ محرّكه نحو هذا الوضوء هل هو ذلك الأمر، أو شيء آخر غيره، فهذا شيء لا يعيّنه هذا البيان، فالصحيح هو البيان الأوّل.

التقريب الثالث: تعميق أكثر للإشكال، وهو: أنّنا بعد أن فرضنا: أنّ العباديّة داخلة في حاقّ المقدّمة، فالمقدّمة ليست هي ذات الوضوء، بل الوضوء العباديّ، فالأمر الغيريّ يتعلّق بالوضوء العباديّ، نقول: إنّ العباديّة: إن فرضت بلحاظ قصد امتثال الأمر الغيريّ، لزم الدور(2) الذي تقدّم في بحث التعبّديّ والتوصّليّ؛ لأنّ



(1) نفس المصدر.

(2) إشكال الدور في هذا الشقّ قد يأتي عليه بعض التخلّصات عن الدور في تصوّر عباديّة العبادة لو تمّ هناك، وبالإمكان تبديل إشكال الدور في هذا الشقّ بإشكال آخر، وهو: أنّ قصد الأمر الغيريّ لا يكون مقرّباً إلى المولى أو مؤثّراً في ازدياد مقرّبيّة قصد الأمر النفسيّ مثلا؛ لما مضى: من أنّ العبد يجب أن يكون بمنزلة أعضاء المولى، والمولى لو كان هو المباشر لكانت إرادته للمقدّمة غيريّة لا نفسيّة، وما ثبت في الفقه: من عباديّة الطهارات الثلاث ليس فقط بمعنى لزوم قصد الأمر فيها ولو بنحو لا يصلح للمقرّبيّة، وإنّما الثابت طبعاً هو عباديّتها بالمعنى الذي يصلح للمقرّبيّة.