المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

47

العقليّ، وأمّا بالنظر العرفيّ فلا يرى أنّ أحدهما فيه مؤونة في مقابل الآخر.

وبهذا ظهر: أنّ المقصود ليس دعوى: أنّ العرف غير ملتفت تفصيلاً إلى ما ذكره المحقّق العراقيّ (رحمه الله)حتّى يقال ـ كما ذكر المحقّق العراقيّ في مقالاته ـ: إنّ هذا المطلب وإن لم يلتفت إليه العرف تفصيلاً، لكنّه مركوز في نفسه، بل المقصود: أنّه حتّى إذا شرح له هذا المطلب لا يرى مؤونة في أحدهما في مقابل الآخر بما هو إنسان عرفيّ، فهو لا يصدّق بالفرق بينهما في المؤونة بما هو عرف وإن كان قد يصدّق بذلك بما هو فيلسوف.

نعم، هنا بيان آخر لتحليل الإطلاق أمتن من هذا البيان، وهو يتوقّف على مقدّمة حاصلها: أنّه كان المعروف بين جملة من المتقدّمين أنّ الوجوب مركّب من طلب الفعل مع النهي عن الترك، والاستحباب مركّب من طلب الفعل والترخيص في الترك، فهما يشتركان في الجزء الأوّل، وأحدهما يمتاز بالمنع من الترك، والآخر يمتاز بالترخيص في الترك، فإذا بنينا على هذا لم يمكن إجراء الإطلاق؛ إذ الأمر يدلّ على الجزء المشترك وهو طلب الفعل، وأمّا أنّه: هل انضمّ إليه النهي عن الترك، أو الترخيص في الترك، فلا يفي به كلام المولى، ولكن في مقابل هذا الكلام وجه آخر، وهو: أنّ الاستحباب وإن كان مركّباً من جزءين وجوديّين: الطلب والترخيص في المخالفة، لكن الوجوب ليس مركّباً من جزءين وجوديّين، وإنّما هو مركّب من جزء وجوديّ وهو الطلب وجزء عدميّ وهو عدم الترخيص في المخالفة، لا وجوديّ وهو النهي عن المخالفة؛ إذ النهي عن المخالفة لا يكفي في كون الطلب وجوبيّاً، فإنّنا ننقل الكلام إلى ذاك النهي، فإنّه أيضاً كالأمر ينقسم إلى إلزاميّ وهو ما منع مثلاً عن مخالفته، وكراهتي وهو ما رخّص في مخالفته.

فإذا فرض: أنّ الوجوب مركّب من الجزء المشترك بين الوجوب والندب وهو الطلب، وجزء عدميّ وهو عدم الترخيص في الترك، والاستحباب مركّب من ذاك