المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

46

فإنّها تمتاز عن الضعيفة بقوّة الإرادة ودرجة زائدة من الإرادة، بينما الإرادة الضعيفة ما به الامتياز لها عن القويّة ليست هي الإرادة، بل عدم الإرادة؛ فإنّ ضعف الإرادة عبارة عن عدم تلك الدرجة الزائدة من الإرادة، إذن فلو كانت ما في نفس المولى هي الإرادة القويّة فكلّ ما في نفسه إرادة؛ لأنّ ما به الاشتراك وما به الامتياز كلاهما إرادة، فاللفظ دالّ على كلّ ما في نفس المولى؛ إذ هو دالّ على الإرادة، ولو كانت ما في نفس المولى هي الإرادة الضعيفة فليس كلّ ما في نفسه الإرادة؛ لأنّ ما به الاشتراك بين الضعيفة والقويّة وإن كانت هي الإرادة، لكن ما به الامتياز للضعيفة عبارة عن عدم الإرادة، فاللفظ لا يدلّ على كلّ ما في نفس المولى، وإذا دار الأمر بين أن يكون ما في نفس المولى كلّه هو المبرز باللفظ أو يكون بعض ما في نفسه شيئاً لم يبرز باللفظ، فمقدّمات الحكمة تعيّن الأوّل(1).

وهذا البيان وإن كان صناعيّاً في نفسه لا ترد عليه جملة ممّا اُورد عليه، لكن يرد عليه: أنّ الإطلاق ومقدّمات الحكمة إنّما هي عبارة عن ظهور عرفيّ وحاليّ يقتضي: أنّه متى ما دار الأمر بين كون مرام المتكلّم سنخ مرام يفي به كلامه وليست فيه مؤونة زائدة في نظر العرف، وكونه سنخ مرام فيه مؤونة زائدة في نظر العرف لم يفِ بها الكلام، كان مقتضى الإطلاق هو الأوّل. وأمّا لو فرض: أنّ أحدهما ليست فيه مؤونة والآخر فيه مؤونة في نظر العقل لا العرف، فهذا لا يكفي لتعيين ما ليست فيه مؤونة في مقابل ما فيه مؤونة بمقدّمات الحكمة، وما ذكر من أنّ الإرادة الشديدة ما به الامتياز وما به الاشتراك فيها كلّه إرادة بخلاف الإرادة الضعيفة؛ حيث إنّ ما به الامتياز فيها عبارة عن عدم الإرادة، فهذا يكون بحسب التحليل



(1) راجع المقالات، ج 1، ص 208 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ، ونهاية الأفكار، ج 1، ص 192 بحسب طبعة جامعة المدرّسين بقم.