المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

43



نعم، لا شكّ أنّه يحصل ـ إضافة إلى ما حصل عليه من الفضيلة ـ على لذّة فائقة أيضاً، ولكنّها واقعة تحت الشعاع لما يطلبه من مبدأ أو فضيلة، أو رضا الله سبحانه وتعالى، فذاك المبدأ أو حبّ الله هو محرّكه الحقيقيّ، وتترتّب على ذلك صدفةً اللذّة والانبساط كزيادة خير.

وقد اتّضح بكلّ ما شرحناه: أنّ المطيع تنقسم إطاعته ـ بحسب الدوافع النفسيّة ـ إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: دافع اللذّة أو الألم الثابتين بالثواب والعقاب، وتلك طاعة التجّار أو العبيد.

والثاني: المزدوج من دافع حبّ الطاعة ورضوان الله، ودافع اللذّة والألم، وتلك طاعة الخواصّ.

والثالث: دافع حبّ الله سبحانه وتعالى وتحصيل رضاه، وتلك طاعة خاصّة الخواصّ حيث يكون التذاذه بالطاعة أيضاً مندكّاً تحت داعويّة أصل الطاعة.


ذلك على مجموع حبّه للدعة والراحة والتذاذه بهما، فقد يُدّعى: أنّ الغلبة على المجموع لا تكون إلّا بعد انضمام الالتذاذ بذاك المحبوب الشريف إلى حبّه.

والجواب: أنّ هذا غفلة عن الفرق بين حبّ الدعة والراحة وحبّ الله، أو حبّ رضوان الله، أو حبّ الفضائل ونحو ذلك، أو قل: هذا غفلة عموماً عن اللذائذ المادّيّة؛ وذلك لأنّه في اللذائذ المادّيّة لايتصوّر محرّكان ينضمّ أحدهما إلى الآخر؛ لأنّ الحبّ في المادّيات ليس إلّا حبّاً للذّة، أو للفرار عن الألم، ولولا التذاذه بالدعة والراحة لما أحبّهما، فليس حبّهما شيئاً جديداً يضاف إلى اللذّة في الداعويّة، في حين أنّه في الحبّ المعنويّ تكون اللذّة في طول الحبّ، وليس العكس؛ فلأنّ الشخص يحبّ ابنه مثلاً وراحة ابنه يلتذّ براحته، لا العكس.