المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

423

إحداهما: إرادة الجزاء كشرب الماء، وهي إرادة منوطة بالشرط أو بإحرازه، فقبل العطش لا إرادة لشرب الماء؛ لعدم وجود ملائمة بين مزاجه وشرب الماء، بل قد توجد منافرة تامّة لمزاجه عن شرب الماء.

والثانية: إرادة الجامع بين عدم الشرط ووجود الجزاء، ففي مثال العطش هو يريد من أوّل الأمر الجامع بين أن لا يعطش أو يشرب الماء، فإنّ مزاجه من أوّل الأمر ملائم لهذا الجامع، ولعدم تلك الحصّة من العطش المقترنة مع عدم شرب الماء، فينقدح في نفسه من إرادة هذا الجامع إرادة مقدّماته، وحمل الماء قبل السفر حينما يعلم بالعطش في السفر مقدّمة لذلك؛ إذ هو يعلم أنّه لو لم يحمل الماء لفقد كلا فردي الجامع في السفر، فهذا هو الذي يحرّكه نحو ادّخار الماء.

هذا في الإرادة التكوينيّة، وإذا اتّضح الأمر فيها، اتّضح في الإرادة التشريعيّة أيضاً، فإنّ العبد في الإرادة التشريعيّة يصبح كأنّه نفس المولى في الإرادة التكوينيّة له، فيتحرّك نحو المقدّمات المفوّتة، وتوجّه إرادة المولى التشريعيّة نحو الجامع تبعثه نحو حفظه للمقدّمات المفوّتة حفظاً تشريعيّاً.

فتحصّل: أنّ جوهر المطلب هو: أنّ الإشكال كان ناشئاً من أنّ إرادة الجزاء قبل الشرط أو إحرازه ليست فعليّة، وهذا غفلة عن إرادة الجامع بين الجزاء وعدم الشرط، فإنّها إرادة فعليّة من أوّل الأمر، وهذه الإرادة الفعليّة تحرّك المولى نحو حفظ المقدّمات المفوّتة في كلّ غرض بالنحو المناسب له، أي: حفظها تكويناً في التكوينيّات، وتشريعاً في التشريعيّات.

وهناك تفنّن في صياغة الحفظ التشريعيّ: فتارةً يكون بجعل وجوب الصوم من أوّل الأمر، لا من الفجر، واُخرى بإيجاب المقدّمات المفوّتة، فهذه كلّها صياغات للحفظ التشريعيّ، وروح المطلب ما عرفت.

هذا هو جوهر المطلب في مقام الجواب، وهذا الجوهر تتعلّق به نكات ثانويّة لابدّ من توضيحها، فنقول: