المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

422

إنّ الإرادة مادامت هي فعليّة وموجودة لوجود شرطها الذي هو الوجود اللحاظيّ للشرط تكون محرّكة ـ لا محالة ـ نحو المقدّمات المفوّتة، ففاعليّتها تامّة من سائر الجهات، إلّا من الجهة التي فرضت الإرادة منوطة بوجودها اللحاظيّ، وهي العطش مثلا، فإرادة الماء المنوطة بالعطش ـ التي في روحها تكون عند المحقّق العراقيّ (رحمه الله)منوطة بلحاظ العطش ـ لا تحرّك نحو إيجاد العطش، فهذا القصور من النتائج التكوينيّة لإناطة الإرادة بلحاظ العطش، أمّا بلحاظ سائر الجهات ففاعليّتها تامّة.

فهذا المسلك لو صحّ يمسّ أيضاً روح البحث، ويعالج النكتة، إلّا أنّه مسلك غير صحيح كما بيّنا سابقاً؛ إذ مجرّد تصوّر العطش لا يوجب الشوق إلى شرب الماء، بل لابدّ من العطش حقيقة أو إحرازاً.

أمّا البيان الذي يمسّ روح المشكلة، ويفي بالحلّ، ويكون صحيحاً بناءً ومبنىً، فهو الذي مضى في الواجب المشروط: من انحلال الإرادة المشروطة إلى إرادتين.

وتوضيحه: أنّه تارةً يفرض في قيد الاتّصاف: أنّ القدرة في حين وجود القيد دخيلة أيضاً في الاتّصاف، وحينئذ لا يهتمّ صاحب الغرض بالمقدّمات المفوّتة؛ إذ غاية الأمر عجزه في الوقت عن العمل المقصود، وهذا لا يضرّه ولا يزعجه؛ إذ مع عجزه لا حاجة ولا اتّصاف حسب الفرض، واُخرى يفرض عدم دخل القدرة حينه في الاتّصاف، كما في مثال العطش وشرب الماء، وحينئذ توجد ـ لا محالة ـ في نفسه إرادتان:



إمكان ذلك في الإرادة برغم فعليّتها، أمكن في الوجوب، ولو ادّعي عدم إمكان ذلك في الإرادة، لم يمكن أيضاً في الوجوب، فإنّ الوجوب أو الإيجاب ليس إلّا جعلا واعتباراً يحاكي في طوره طور الإرادة التشريعيّة من تقيّد أو إطلاق، وفعليّة أو عدم فعليّة.