المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

420

وثانيهما: مسلك المحقّق العراقيّ (رحمه الله) الذي يقول: إنّ قيد الاتّصاف قيد للإرادة، ولكن بوجوده اللحاظيّ والتصوّريّ الثابت من أوّل الأمر.

فهذا المسلك يعني: أنّ إرادة شرب الماء مثلا فعليّة قبل العطش؛ لأنّها دائرة مدار تصوّر العطش، إذن فلا بأس بتحريكها نحو المقدّمات المفوّتة للغرض التكوينيّ.

وهذا البيان تارةً نطبّقه على عالم الجعل والإيجاب، كما صنعناه حينما كنّا نتكلّم وفق منهج الأصحاب، فنقول: إنّ الوجوب مقيّد بلحاظ القيد وتصوّره، فوجوده فعليّ، إلّا أنّ الموجود هو الوجوب التقديريّ.

وقد مضى أنّ هذا لو تمّ، لا يحلّ المشكلة في المقام؛ وذلك لأنّ الوجوب تقديريّ قبل تحقّق الشرط خارجاً كتقديريّة الجزاء في القضايا الشرطيّة المشرّعة على نهج القضيّة الحقيقيّة، ويبقى تقديريّاً حتّى بعد وجود الشرط خارجاً، خلافاً للجزاء في القضايا الشرطيّة التكوينيّة الذي يصير فعليّاً عند تحقّق شرطه؛ وذلك لأنّنا لم نقبل وجود عالمين للحكم الشرعي: عالم التقدير، وعالم الفعليّة، فإذن الذي يتوقّف على تحقّق الشرط خارجاً، ويقابل فعليّة الجزاء في القضايا التكوينيّة إنّما هو فاعليّة الجزاء لا فعليّته، وإذا كانت فاعليّته متوقّفة على تحقّق الشرط، فوجوب المقدّمات المفوّتة الذي هو أيضاً مشروط ـ لا محالة ـ بالشرط المتأخّر الذي اشترط به وجوب ذي المقدّمة ليست له فاعليّة، إلّا عند تحقّق الشرط خارجاً، فلم تنحلّ المشكلة.

أمّا هنا، فنحن نتكلّم في نفس إرادة المولى التكوينيّة، والإرادة يختلف حالها عن الوجوب، ففي الوجوب يمكن افتراض: أنّ المولى يوجد وجوباً تقديريّاً بحيث يكون الموجود بالوجود الفعليّ هو الوجوب التقديريّ، لا الفعليّ. وأمّا الإرادة، فلا يعقل فيها وجود إرادة تقديريّة، بأن يكون وجودها فعليّاً ونفس