المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

42



إنّ عدم تحرّك الشخص من دون لذّة أو ألم لكون حبّه للمحبوب غير كاف لتحريكه، ولكن مع دخول الحبّ كجزء للعلّة في الحساب كافياً له قد يكون صحيحاً بشأن بعض السالكين، ويكون هذا الشخص أعلى درجة ممّن لا يتحرّك إلّا من وراء اللذّة والألم، ولكن ليس هذا هو آخر الدرجة الممكنة من درجات مرقاة الكمال في سلّم الفضائل، والدليل على ذلك مؤتلف من مقدّمتين:

الاُولى: أنّ التقدير المعنويّ لمقدار تلك اللذّة المعنويّة يقول لنا بفهم الوجدان: إنّ درجة تلك اللذّة توازي درجة الحبّ لذلك المبدأ النبيل، وكلّما اشتدّ حبّه اشتدّ بقدره الالتذاذ به، وكلّما ضعف حبّه ضعف بقدره الالتذاذ به.

والثانية: أنّ هذا الالتذاذ قد يفوق في بعض الحالات لذّة الراحة التي كانت تثبت في ترك التحرّك نحو ذاك المحبوب، وآية ذلك: أنّ الإنسان عندئذ لا يحسّ بالراحة النفسيّة في الترك، بل يحسّ بأنّ راحته النفسيّة في الفعل فحسب، في حين أنّ من لم يصل حبّه إلى هذا المستوى يحسّ بالتعب النفسيّ في عمله، ولكنّه يتحمّل هذا التعب في سبيل محبوبه.

والنتيجة: أنّه إذن سيكون حبّه لذاك المحبوب غالباً على حبّه للدعة والراحة؛ لأنّه يوازي لذّته الغالبة على لذّة الدعة والراحة، ويكون وحده كافياً للغلبة على المزاحم(1).


(1) قد تقول: إنّه يوجد في طرف الدعة والراحة شيئان: حبّه للدعة والراحة، والتذاذه بهما، وفي طرف المبدأ النبيل أيضاً يوجد شيئان: حبّه للمبدأ النبيل، والتذاذه بتحقيقه. فصحيح: أنّ التذاذه بالمبدأ النبيل غالبٌ على التذاذه النفسيّ بالدعة والراحة، وبالتالي يكون حبّه لذاك المبدأ غالباً على حبّه للدعة والراحة، لكن هذا لا يعني غلبة حبّه للمبدأ، أو لله، أو لرضوان الله، أو ما إلى