المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

419

هل هناك نكتة لتحفّظ المولى على المقدّمات المفوّتة لغرضه، أو لا؟ فإن وجدت نكتة لذلك، انحلّت المشكلة من أساسها، وإلّا فلا مبرّر للزوم اهتمام العبد بالمقدّمات المفوّتة، فهذا الوجه أيضاً لا يمسّ روح المشكلة.

فتحصّل: أنّ هذه الوجوه الخمسة بعضها لا يمسّ روح المشكلة أصلا، وهو الجواب بالشرط المتأخّر، وبحكم العقل بلزوم التحفّظ على الملاكات الاستقباليّة للمولى، وبعضها يمسّ روح المشكلة، لكنّه ليس جواباً وافياً بحلّها، وهو الجواب بالواجب المعلّق وبإيجاب سدّ بعض أبواب العدم، وبدعوى: أنّ الخطاب مقيّد بطلوع الفجر، ولكنّ الإرادة فعليّة قبله، فهذه الوجوه الثلاثة ـ كما عرفت ـ ترجع إلى نكتة مشتركة، وهي كون القيد الاستقباليّ قيداً للترتّب، لا الاتّصاف، وكون إرادة ذي المقدّمة فعليّة من أوّل الأمر، فهذا يبرّر ـ لا محالة ـ اهتمام المولى تكويناً بالمقدّمات المفوّتة لغرضه؛ إذ يفرض: أنّ غرضه فعليّ الآن، فهذا يمسّ أصل المشكلة، لكن ليس جواباً وافياً؛ إذ نرى وجداناً في الأغراض العقلائيّة أنّه كثيراً ما يكون القيد الاستقباليّ قيداً للاتّصاف، ومع ذلك يهتمّ العاقل في ذلك بالمقدّمات المفوّتة لغرضه.

وهناك مسلكان كلّ منهما يمسّ روح المشكلة، ويفي أيضاً بحلّ الإشكال لو صحّ المسلك في نفسه، إلّا أنّه في نفسه غير صحيح:

أحدهما: المسلك الذي نسب إلى الشيخ الأعظم (رحمه الله) في الواجب المشروط من: أنّ قيود الاتّصاف دائماً تكون قيداً في المراد دون الإرادة.

فعلى هذا المسلك تكون الإرادة فعليّة من أوّل الأمر دائماً، فمن الطبيعيّ تحرّك المولى تكويناً نحو المقدّمات المفوّتة، ومن الطبيعيّ حينئذ وجوبها على العبد شرعاً، وتحرّك العبد نحوها، إلّا أنّ هذا المسلك باطل على ما برهنّا عليه في بحث الواجب المشروط.