المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

418

الفلك وتحقيق الفجر الآن لصنع، وعليه، فالمقدّمات المفوّتة تكون معاصرة للإرادة، وليست مفوّتة بلحاظها، وهذه النكتة المشتركة وهي ثبوت الإرادة بذي المقدّمة سابقاً يمكن إسراؤها إلى الغرض التكوينيّ.

إلّا أنّ هذا الحلّ لا يكفي؛ لوضوح وجوب المقدّمات المفوّتة حتّى فيما كان من الواضح كونه قيداً للاتّصاف، ففي مثل الصوم حيث إنّ ملاك تشريعه غامض لدى الفقيه أمكن له افتراض كون الإرادة فعليّة من أوّل الأمر، ولكن تعالوا إلى الملاكات العرفيّة التي ندركها، فهل المسافر الذي يعلم أنّه سيعطش في سفره، فيحمل معه الماء الآن يكون عطشه قيداً للترتّب دون الاتّصاف، بحيث لو أمكنه أن يعطّش نفسه الآن لصنع؟! طبعاً لا، فلماذا يحمل الماء؟

فإذن، هذه النكتة مجرّد افتراض لا يفسّر الواقع.

وأمّا الجواب بالشرط المتأخّر، فأيضاً لا يحلّ المشكلة بعد طرحها بهذا النحو، فمثلا كان تصويرنا للشرط المتأخّر: أنّ الحاجة وإن كانت متأخّرة، ولكن حيث إنّ المولى يعلم أنّ العبد سوف لن يقدر على إشباعها في وقت الحاجة يقدّم الإيجاب، ولكنّنا نقول هنا: إنّ نفس تقديم الإيجاب تحفّظ تكوينيّ من قبل المولى على المقدّمات المفوّتة، ونحن قد نقلنا المشكلة إلى محطّها الأصليّ، ونقلنا الكلام إلى نفس المولى، ونريد أن نرى: لماذا يهتمّ بالمقدّمات المفوّتة تكويناً، فهذا الوجه لا يمسّ روح المشكلة.

بقي الوجه الأخير القائل بأنّ العبد يحكم عليه العقل بالتحفّظ على الملاك الاستقباليّ للمولى، وهذا أيضاً لا يفيد بعد تحويل المشكلة إلى محطّها الأصليّ، فإنّنا نتكلّم في حقّ نفس المولى، وأنّه لماذا يهتمّ بالمقدّمات المفوّتة في غرضه التكوينيّ، وفي هذا الموطن لا يوجد امتثال وعبوديّة حتّى يقال: إنّ العقل يحكم على العبد بوجوب التحفّظ على الملاك الاستقباليّ للمولى، وإنّما نريد أن نرى: أنّه