المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

417

ما صحّ من هذه الوجوه على منهجهم، أعني: ما عدا الوجه الرابع.

وتوضيح ذلك: أنّ شبهة المقدّمات المفوّتة لا تختصّ بالأغراض التشريعيّة، بل تشمل الأغراض التكوينيّة أيضاً، فكثيراً ما يكون للإنسان محبوب تكوينيّ محدود بزمان، وهو يهيّء مقدّمته قبل الوقت؛ لعلمه بعجزه عنها حينه، وهذا شأن العاقل في كثير من أطواره وحياته، فيقال: كيف صار الأمر كذلك مع أنّ هذا العاقل قبل الوقت لا يحتاج إلى ذلك المحبوب المتأخّر، ولا يريده، فلماذا يهتمّ بمقدّماته؟!

فإذا فرضنا: أنّ المولى لو كان الغرض التشريعيّ الذي أمر به غرضاً تكوينيّاً له، لم يكن يهتمّ بالإتيان بمقدّماته المفوّتة، يبقى إشكال المقدّمات المفوّتة في هذا الغرض التشريعيّ بلا حلّ؛ إذ لا معنى للزوم كون العبد أكثر حرارة من المولى في تحصيل غرضه.

وبكلمة اُخرى: إنّ المولى كما لا يهتمّ تكويناً بالمقدّمات المفوّتة لهذا الغرض لو كان تكوينيّاً، كذلك لا يهتمّ تشريعاً بها حينما كان الغرض تشريعيّاً، وإذا فرضنا: أنّ هذا الغرض لو كان تكوينيّاً لكان يهتمّ بمقدّماته المفوّتة تكويناً، فمن الطبيعيّ أنّه حينما كان تشريعيّاً يهتمّ العبد بمقدّماته المفوّتة، ويهتمّ المولى بتحصيلها تشريعاً، فيجب أن ننظر: ما هو السرّ في اهتمام المولى بالمقدّمات المفوّتة لو كان غرضه تكوينيّاً؟

وبناءً على هذا المنهج من البحث نرجع إلى الوجوه الخمسة التي صحّت من الأجوبة على منهج الأصحاب؛ لنرى ما دورها في المقام؟ فنقول:

أمّا التمسّك بالواجب المعلّق، وبوجوب سدّ بعض حصص العدم، وبدعوى: أنّ الخطاب مقيّد بطلوع الفجر، لكن الإرادة فعليّة قبل طلوع الفجر، فمرجع هذه الوجوه الثلاثة إلى دعوى: أنّ الظرف الاستقباليّ قيد للترتّب، لا الاتّصاف، وإنّ شوقه وحبّه فعليّ من أوّل الأمر، وغير منوط بطلوع الفجر، بحيث لو أمكنه جرّ