المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

41



وبهذا تمّ برهان كامل على أنّ العلّة الغائيّة والعلّة الفاعليّة متّحدان، غاية الأمر: أنّ العلّة الغائيّة تكون بوجودها العلميّ ـ ولو الخاطئ ـ محرّكة.

نعم، لا إشكال ـ كما أشرنا إليه ـ في أنّ اللذّة والألم قد يدخلان بنفسهما في العلّة الغائيّة، ويكونان محبوباً أو مبغوضاً.

وقد يقول قائل: إنّ حبّ الدعة والراحة الموجود في الإنسان لابدّ أن يتكاسر مع حبّ آخر، ويقع مقهوراً تحت شعاعه كي يتحرّك الإنسان نحو ما يكون في وضعه الأوّليّ موجباً لسلب الدعة والراحة، والمقصود بعلّيّة اللذّة والألم هو: أنّه لولاهما، لما كان المحبوب الأصليّ من المُثُل والقيم والمبادئ ورضا الله وما إلى ذلك قادراً على الغلبة على حبّ الراحة، فلكي يغلب حبَّ الراحة، أو قل: «لكي تصبح راحة الشخص في خلاف راحته الظاهريّة» لابدّ أن ينضمّ إلى تلك الغاية الشريفة غاية اللذّة أو الفرار من الألم، وعند ذلك تكون الغلبة لمجموع الغاية الشريفة النبيلة مع اللذّة ودفع الألم على حبّ الراحة، فيقوم الإنسان بالعمل النبيل، ويكون الشخص بقدر ما كان من حصّة الدخل في الغاية لذاك المبدأ النبيل والشريف مستحقّاً للمدح والثواب، وبهذا قد جمعنا بين القول بأنّه لابدّ لتحريك الإنسان من وجود اللذّة والألم في المتعلّق من ناحية، وبين نُبل التضحيات في سبيل المبادئ والعقائد الحقّة والمُثل والقيم العليا ورضا الله سبحانه وتعالى من ناحية اُخرى. فليكن هذا نوع توجيه لكلام اُستاذنا الشهيد (رحمه الله)، إلّا أنّ هذا التوجيه ليس شاملاً لمورد ما قد يتّفق من عدم وجود زحمة وأقلّ صعوبة في التحرّك، أو كان المطلوب هو الترك ولم يكن في الترك أيّ زحمة ومشقّة، وإنّما يمكن تطبيق هذا التوجيه في موارد صعوبة العمل وفق ما هو مطلوب أخلاقيّاً.

والظاهر: أنّ هذا التوجيه أيضاً غير صحيح. وتوضيح ذلك: