المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

354

تقدير أن يصلّي صلاة الليل في ليلة الأحد، فلابدّ له من تقدير ولحاظ صدور صلاة الليل منه في ليلة الأحد، بينما هذا التقدير هو تقدير انتهاء يوم السبت، فكيف يمكنه أن يوجب على هذا التقدير صوم يوم السبت؟!

والجواب: أنّ تقدير صلاة الليل في ليلة الأحد لا ينحصر في تقديرها ماضيةً وفي الزمان السابق، بل قد تقدّر صلاة الليل مستقبلة، أي: أنّ المولى يقدّر أنّ هذا العبد سوف يصلّي صلاة الليل في ليلة الأحد، ويوجب عليه الصوم على هذا التقدير، لا أنّه يقدّر أنّه قد صلّى صلاة الليل في ليلة الأحد، ويوجب عليه الصوم على هذا التقدير.

والحاصل: أنّ تحديد ظرف المقدَّر من حيث فرضه مستقبلا أو ماضياً يكون بيد نفس المقدِّر، وليس معنى تقدير شيء في زمان لكي يرتّب على ذلك التقدير الحكم تقدير تحقّقه ومضيّه، بل قد يقدّر أنّه سوف يتحقّق، وهذا اللحاظ لا ينافي لحاظ يوم سابق لإيجاب الصوم فيه، فلا تهافت في اللحاظ.

الثاني: في مقام المجعول.

وتقريب الإشكال هو التقريب الأوّل الذي مضى، وجوابه؛ إنكار وجود شيء وحكم حقيقةً اسمُه المجعول وراء الجعل، وإنّما هو أمر خياليّ، وسيأتي توضيح ذلك ـ إن شاء الله ـ في بحث الواجب المطلق والمشروط، وحاصله: أنّ المجعول الذي يفرض تحقّقه بعد الجعل حين فعليّة الموضوع هل نسبته إلى الجعل هي أنّه مجعولُ ذلك الجعل، أو هي نسبة المسبّب إلى السبب، والمقتضى إلى المقتضي؟

فإن قيل بالأوّل، فهو غير معقول؛ لأنّ المجعول والجعل حالهما حال الإيجاد والوجود، فإنّ الجعل إيجاد، والمجعول وجود، والتغاير بين الإيجاد والوجود اعتباريّ لا حقيقيّ، وإن قيل بالثاني بدعوى: أنّ المقتضى كثيراً ما يتأخّر عن مقتضيه إلى أن يستكمل شروطه، قلنا: إنّ هذا المجعول الذي هو المسبّب