المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

35



الخلقيّة والعاطفيّة، ويضحّي بسائر لذّاتها في سبيلها.

إذن فكلّ الويلات المنتشرة في العالم قامت على أساس مجموع أمرين:

الأوّل: هو حبّ الذات الكامن في نفس الإنسانيّة، أو قل: تعشّق اللذّة وكره الألم.

والثاني: انحصار المصالح التي تحقّق اللذّة وتعالج الألم في مصالح مادّيّة دنيويّة ضيّقة يقع التكالب عليها بين الناس، والتزاحم والمنافسات، فتحصل ما تحصل من المصائب والمحن والظلم والرزايا التي يضجّ بها العالم اليوم.

وتدّعي الشيوعيّة: أنّها ستعالج ذلك عن طريق القضاء على الأمر الأوّل، وهو حبّ الذات، فيصبح الفرد عندئذ متعشّقاً للمجتمع لا لنفسه.

إلّا أنّ هذا الحلّ حلّ طوبائيّ بحت؛ لأنّ حبّ الذات ذاتيّ للإنسان، ولا معنى لانتزاعه عنه إلّا بانتزاع ذاتيّته وتبديلها إلى شيء آخر غير الإنسان.

ويقول الإسلام: إنّ علاج المشكل يجب أن يكون بمعالجة الأمر الثاني، وذلك بتوسيع نطاق المصالح في دائرة عريضة لا يؤدّي التسابق فيها إلى التزاحم والتعارض والتكالب، فيحصل كلّ فرد على مصالحه وملاذّه بقدر ما اُوتي له من قوّة من دون أن ينقص من الآخر شيء.

وبالفعل هذا هو الذي فعله الإسلام بتوسيعه لدائرة المصالح من بُعدين:

أحدهما: بيان: أنّ مصالح الفرد ليست محصورة في دائرة المصالح المادّيّة الدنيويّة الضيّقة، بل له جنّة عرضها السماوات والأرض اُعدّت للمتّقين.

والثاني: تربية الجانب الخُلقيّ النبيل في الإنسان، وتنمية قابليّاته الأخلاقيّة الكامنة في نفسه: من صفات الإيثار والعطف والرحمة والوفاء والصدق وما إلى ذلك، وتتصادق كلتا المصلحتين: الاُخرويّة والخُلقيّة في تحصيل رضا الله سبحانه وتعالى.