المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

347

إنّ موضوع هذا البحث ليست هي المقدّمة الوجوبيّة، بل هي المقدّمة الوجوديّة. والفرق بينهما من حيث عالم الجعل: أنّ الوجوب مقيّد ومشروط بالاُولى دون الثانية، ومن حيث عالم الملاك: أنّ الاُولى لها دخل في أصل كون الفعل ذا مصلحة واحتياج الإنسان إليه، بينما الثانية يكون دخلها في تحصيل المصلحة وإشباع حاجة الإنسان، فمثلا مجيء أيّام البرد مقدّمة وجوبيّة للحكم بالتدفئة بالنار؛ إذ قبلها لا مصلحة في التدفئة ولا حاجة للإنسان إليها بينما سدّ المنافذ المانعة عن الدفء مقدّمة وجوديّة للتدفئة بالنار؛ إذ به يتمّ تحصيل المصلحة وتشبع حاجة الإنسان، ووجوب التدفئة مثلا مشروط بمجيء أيّام البرد، وليس مشروطاً بسدّ المنافذ، وبما أنّ الوجوب مقيّد ومشروط بالمقدّمة الوجوبيّة فمن الواضح: أنّه لا يترشّح الوجوب على نفس المقدّمة والشرط، فإنّه لولاها لما كان العبد ملزماً بشيء، فالبحث إنّما هو حول المقدّمة الوجوديّة.

هذا حال موضوع البحث.

وأمّا محموله، فليس عبارة عن اللابدّيّة التكوينيّة للمقدّمة في مقام الحصول على ذي المقدّمة، فإنّ هذه هي معنى المقدّميّة، ولا عبارة عن اللابدّيّة العقليّة، بمعنى عدم صحّة الاعتذار عن ترك ذي المقدّمة بعدم المقدّمة، فيقول: أنا ما صلّيت لأ نّني لم أتوضّأ؛ فإنّ ذلك واضح بالضرورة، وليس فيه أيّ نقاش أو خلاف، ولا عبارة عن الوجوب المولويّ المجعول بالجعل الفعليّ؛ فإنّه موقوف على