المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

337

بالوجدان، وكون ذلك الشيء واجباً وهو ثابت بالاستصحاب، وإن قلنا: إنّ موضوعه الفوت، لم يثبت القضاء؛ لأنّ إثبات الفوت بالاستصحاب تمسّك بالأصل المثبت، كما في الصورة الاُولى(1).

وقد يتخيّل هنا إمكان إثبات الموضوع بالاستصحاب وإن لم يمكن ذلك في الصورة الاُولى؛ وذلك لأنّ الموضوع هنا مركّب من فوت شيء، وكون ذلك الشيء واجباً، وفوت شيء ثابت بالوجدان؛ فإنّه قد فاتته الجمعة حتماً، وكونه واجباً ثابت بالاستصحاب.

وفي الحقيقة قد جعلنا هذه الصورة في مقابل الصورة الاُولى؛ لامتيازها عنها بهذه الشبهة، فأردنا ذكرها مع جوابها.

والجواب: أنّ الموضوعات حتّى ما كان منها بظاهر صورتها تقييديّة وإن كنّا ندّعي رجوعها عرفاً إلى التركيب، لكن في خصوص الفوت نقول: إنّ الفوت ليس منتزعاً من مجرّد عدم الإتيان حتّى يفرض: أنّ الموضوع مركّب من الفوت ومن وجوب الفائت، وإنّما الفوت منتزع من خصوص عدم إتيان ما فيه مزيّة، فمن ترك بالنهار صلاة ثلاث ركعات مثلا ـ وهي غير مشروعة ـ لا يقال عنه: إنّه فاتته في هذا النهار صلاة ثلاث ركعات، فالفوت عنوان تقييديّ منتزع من مجموع عدم الإتيان، وكون ما لم يأتِ به ممّا لابدّ من الإتيان به، فكما لو كان الشكّ في الجزء الأوّل من منشأ الانتزاع، وهو عدم الإتيان، لم يكفِ استصحاب هذا العدم في إثبات هذا العنوان الانتزاعيّ وهو الفوت، كذلك لو كان الشكّ في الجزء الثانيمن ذلك وهو اللابديّة، لم يكفِ استصحابُها في إثبات هذا العنوان الانتزاعيّ.



(1) إلّا أنّ هذا لا علاقة له بإجزاء امتثال الحكم الظاهريّ عن الحكم الواقعيّ كما أشرنا إليه آنفاً في الاستصحاب الموضوعيّ.