المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

336

كذلك، قلنا: إنّه لو جرى الاستصحاب في الوقت وتنجز عليه، فقد وجبت عليه ظاهراً الصلاة، وهذا الوجوب مشمول لقوله: «اقضِ ما فات كما فات»، فلو لم يمتثله إلى أن انتهى الوقت، وجب عليه القضاء وجوباً ظاهريّاً، بينما لو جرى الاستصحاب بعد الوقت، لا يوجد هنا فوت وخسارة بلحاظ الحكم الظاهريّ في داخل الوقت، ولم يثبت فوت بلحاظ الواقع؛ لأنّ استصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت، فلا يثبت عليه وجوب القضاء.

الصورة الثانية: أن ينكشف الخلاف بالاستصحاب في الشبهة الحكميّة، كما لو فرض: أنّ صلاة الجمعة مستصحبة الوجوب، وهو كان يرى حاكماً على هذا الاستصحاب، ثُمّ عدل عن هذا الرأي، فأخذ يستصحب وجوب صلاة الجمعة، وحينئذ فإن انكشف له ذلك في أثناء الوقت، فلا إشكال في وجوب الإعادة، ولو لم يعد إلى أن انقضى الوقت فعليه القضاء. وطبعاً قضاء كلّ شيء بحسبه، وقضاء صلاة الجمعة يكون بالإتيان بالظهر(1).

والوجه في وجوب القضاء ـ مع فرض كون القضاء بأمر جديد ـ ما مضى في الصورة الاُولى: من استظهار الأمر بقضاء ما فات على حدّ الأمر الذي كان ثابتاً لما فات من أمر واقعيّ أو ظاهريّ، أمّا مع فرض كون القضاء بالأمر الأوّل، فوجوب القضاء في غاية الوضوح.

وإن انكشف له ذلك بعد انتهاء الوقت، فإن قلنا: إنّ القضاء بالأمر السابق، وجب القضاء، وإن قلنا: إنّه بأمر جديد، وقلنا: إنّ موضوعه عدم الإتيان، وجب القضاء أيضاً؛ فإنّ الموضوع مركّب من جزءين: من عدم الإتيان بشيء وهو ثابت



(1) بل بهذا الاستصحاب ثبت: أنّه وجبت عليه الظهر بعد انتهاء وقت الجمعة، فعليه قضاؤها؛ لأنّها فاتت.