المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

335

ويمكن النقاش في هذا الحلّ بأن يقال: إنّ ظاهر دليل القضاء بعد فرضه واجباً مستقلاًّ أنّه وجوب واقعيّ، كما هو الحال في ما هو الظاهر من كلّ أمر من الأوامر، من قبيل: (صلِّ) و(صم) وغير ذلك؛ إذ المفروض: أنّه ليس بقاءً للأمر الأوّل حتّى يقال: إنّه يتبعه في الواقعيّة والظاهريّة، من قبيل: (الميسور لا يسقط بالمعسور) الذي يتبع فيه حكم الميسور في الواقعيّة والظاهريّة، وفي الوجوب والاستحباب حكم المعسور، وإذا كان وجوب القضاء وجوباً واقعيّاً، قلنا: هل موضوع هذا الوجوب خصوص فوت الواجب الواقعيّ، أو موضوعه فوت الصلاة الواجبة سواء كانت واجبة بالوجوب الواقعيّ، أو الظاهريّ؟

فإن فرض الأوّل قلنا: لا سبيل إلى إثبات فوت الواقع ولو جرى الاستصحاب وتنجّز في أثناء الوقت؛ لأنّ استصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت والخسارة إلّا بالملازمة العقليّة، إذن فلا يجب القضاء حتّى على من جرى في حقّه الاستصحاب في أثناء الوقت وتنجّز، وهذا ما قلنا: إنّه لا يظنّ بفقيه أن يقول به.

وإن فرض الثاني لزم من ذلك: أنّ من جرى في حقّه استصحاب عدم الإتيان في الأثناء وتنجّز عليه، ثُمّ ترك إلى أن فات الوقت، كان القضاء واجباً واقعيّاً عليه، بحيث حتّى لو كان في علم الله قد صلّى في الوقت يجب عليه القضاء، فلو تذكّر صدفة بعد انتهاء الوقت أنّه قد صلّى، فمع ذلك يجب عليه القضاء، وهذا أيضاً ممّا لا يظنّ بفقيه أن يلتزم به.

إلّا أنّ الصحيح: أنّ هذا النقاش يمكن حلّه بأن يقال: إنّ دليل القضاء حيث إنّه يكون بلسان التدارك، فلا ينبغي قياسه بالأوامر الابتدائيّة الصرف، ولا يبعد استظهار كونه تبعاً للشيء المتدارك، فإن كان المتدارك واجباً فهذا واجب، وإن كان مستحبّاً فهذا مستحبّ، وإن كان واقعيّاً فهذا واقعيّ، وإن كان ظاهريّاً فهذا ظاهريّ، كلّ هذا بنكتة ظهور الأمر بالقضاء في كونه تداركيّاً، وإذا كان الأمر