المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

334

من أنّ استصحاب عدم الإتيان لا يثبت لوازمه، فلا يثبت وجوب القضاء، بل نرجع إلى البراءة عنه(1).

وهذا كلام في نفسه موافق للصناعة، إلّا أنّ فيه إشكالا فقهيّاً واحداً، وهو: أنّه لو تمّت هذه الصناعة في موارد الاستصحاب الجاري بعد الوقت، بمعنى تكوّن موضوعه بعد الوقت، أو تنجّزه على المكلّف بعد الوقت، لتمّت أيضاً في موارد الاستصحاب الجاري في الوقت، فمثلا لو شكّ في أثناء الوقت: أنّه هل صلّى أو لا، فاستصحب عدم الصلاة، ومع ذلك قصّر، فلم يصلِّ إلى أن فات الوقت، فيقال: إنّ استصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت، فلا يجب عليه القضاء مع أنّ هذا ممّا لا يظنّ بفقيه أن يلتزم به.

ويمكن حلّ هذا الإشكال ببيان: أنّ الاستصحاب إذا جرى وتنجّز في أثناء الوقت، فقد وجبت عليه الصلاة ظاهراً، ويصبح هذا الوجوب الظاهريّ موضوعاً لقوله: «اقضِ مافات كما فات»، فلو ترك وجب عليه القضاء، بينما لو كان الاستصحاب جارياً بعد الوقت لا قبله، لم يفته واجب ظاهريّ في الوقت، ولا يمكن إثبات فوت الواقع باستصحاب عدم الإتيان، كما أنّ الاستصحاب لو فرض جارياً في أثناء الوقت، ولكنّه لم يكن واصلا إليه ومنجّزاً عليه، لم يصدق أيضاً الفوت والخسارة؛ فإنّ الحكم الظاهريّ ليس كالحكم الواقعيّ الذي يصدق بتركه الخسارة ولو لم يتنجّز عليه، فإنّ الحكم الظاهريّ روحه التنجيز، فمع عدم التنجّز لا تصدق خسارة.



(1) إلّا أنّ هذا لا علاقة له بإجزاء امتثال الحكم الظاهريّ عن الحكم الواقعيّ، وإنّما هذا مرجعه إلى أنّ الحكم الواقعيّ الأدائيّ مقطوع السقوط: إمّا بالامتثال، أو بانقضاء الوقت، والحكم الواقعيّ القضائيّ مشكوك الحدوث؛ للشكّ في حدوث موضوعه، وهو الفوت.