المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

32



فقد روى في الكافي(1) عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن فضيل بن يسار قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)يقول لبعض أصحاب قيس الماصر... وعاف رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهي حرام، إنّما نهى عنها نهي إعافة وكراهة، ثُمّ رخّص فيها، فصار الأخذ برخصه واجباً على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه...».

وهذه الرواية لو أبقينا أصل ظهورها في النظر إلى المكروهات على حاله، لابدّ أن يحمل ما فيها من ضرورة الأخذ بالترخيص: إمّا على الأخذ التشريعيّ، أي: أنّ العبد يجب أن يتعبّد بالترخيص كما يتعبّد بوجوب الواجبات وحرمة المحرّمات وإن كان يتركه ترك إعافة وكراهة، وإمّا على ما نريد أن نشير إليه الآن من ضرورة التدرّج في تربية النفس، وعدم تحميل النفس ما لا تتحمّله من كثرة العبادات المستحبّة، وزجرها عن كلّ المكروهات ممّا قد يؤدّي إلى بغض النفس للعبادة، أو للالتزام بامتثال الأوامر الاستحبابيّة والنواهي التنزيهيّة.

وهناك روايات عديدة في ضرورة التدرّج مع النفس في تحميلها العبادات المستحبّة من قبيل:

1 ـ ما ورد عن الصادق(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال لعليّ(عليه السلام): «يا عليّ، إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربّك، إنّ المنبتّ ـ يعني المفرط ـ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرماً، واحذر حذر من يتخوّف أن يموت غداً»(2).


(1) اُصول الكافي، ج 1، ص 266 ـ 267.

(2) الوسائل، ج 1، ب 26 من مقدّمة العبادات، ح 7، ص 110 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.