المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

304

الإتيان بالفعل الاضطراريّ فيها عدّة مباني:

المبنى الأوّل: أن يلتزم على هذا الفرض بتعلّق الأمر بالجامع بين الفعل الاختياريّ والفعل الاضطراريّ، والترخيص في تطبيق الجامع على الفعل الاضطراريّ بالرغم من أنّه يوجب تفويت جزء من الملاك اللزوميّ؛ وذلك لافتراض وجود مصلحة في إطلاق العنان يتدارك بها مفسدة التفويت، وبناءً على هذا يكون حال هذا الفرض حال الفرض الأوّل، وهو فرض كون الإجزاء على أساس استيفاء الملاك، فإنّه هنا وإن لم يستوفِ الملاك، لكن استوفى ما به يتدارك مفسدة التفويت، فيأتي هنا كلّ ما شرحناه في الفرض الأوّل بما فيه من المباني الثلاثة.

المبنى الثاني: مبنى المحقّق العراقيّ (رحمه الله) حيث كان يفرض: أنّ بإمكان المولى الأمر التعيينيّ بالصلاة الجلوسيّة مثلا لرفع حكم العقل بقبح التفويت، على ما مرّ سابقاً، وهذا معناه: أنّه لا يريد التحفّظ حقيقة على الصلاة القياميّة إذا أتى العبد بالصلاة الاضطراريّة؛ إذ لا يعقل أن يأمر بالصلاة الجلوسيّة تعييناً، ومع ذلك يريد التحفّظ على الصلاة القياميّة، فيكون عدم الإتيان بالصلاة الجلوسيّة قيداً في وجوب الصلاة القياميّة، فإذن وجوب الصلاة القياميّة ـ على تقدير عدم الإتيان بالصلاة الجلوسيّة ـ معلوم على كلّ حال، ولكن وجوبها على تقدير الإتيان بالصلاة الجلوسيّة غير معلوم؛ إذ لعلّ الملاك الفائت غير قابل للاستيفاء، فتجري البراءة عنه، ولا مجال لحديث الشكّ في القدرة؛ لأنّ الشكّ في القدرة إنّما يكون مجرىً لأصالة الاشتغال إذا كان الشكّ في القدرة على ما علم بدخوله في عهدة المكلّف، والغرض الذي لم يتصدَّ المولى إلى تحصيله لا يكون داخلا في عهدة المكلّف، فما يدخل في عهدته هنا إنّما هو الواجب، وهو الصلاة القياميّة، ولا شكّ في قدرته عليه، وإنّما المشكوك قدرته عليه هو الغرض، وهو لا يدخل في العهدة،