المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

298

أن زال الاضطرار، فأتى بالفعل الاختياريّ في داخل الوقت، كان معاقباً مع أنّه لم يخلّ بشيء من غرض المولى، فهذا تسجيل جزاف للعقاب عليه، اللّهمّ إلّا أن يفرض المحقّق العراقيّ (رحمه الله): أنّ الأمر الاضطراريّ كان مقيّداً بما إذا لم يأتِ بالفعل الاختياريّ بعد زوال العذر، وهذا عود إلى ما فرّ منه؛ فإنّه افترض الأمر الاضطراريّ تعيينيّاً عملا بإطلاق الأمر، وفراراً من تقييده بلا موجب، بينما هذا تقييد له ولو عن طريق آخر، وليس هذا التقييد بأولى من ذاك التقييد(1).

التقريب الرابع: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله)، حيث ذكر: أنّه إمّا أن يفرض: أنّ الملاك بتمام مراتبه موجود في الجامع بين الحصّة الاختياريّة حين الاختيار والحصّة الاضطراريّة حين الاضطرار، أو يفرض: أنّ أصل الملاك موجود في الجامع، ومرتبته العالية في خصوصيّة الحصّة الاختياريّة، وهي القيام مثلا في الصلاة، والفرض الأوّل ملازم للإجزاء، والفرض الثاني يستبطن عدم الإجزاء، إلّا أنّه يستلزم توجّه أمر إلى العبد بعد زوال عذره لا بالصلاة القياميّة مثلا، بل بالقيام في الصلاة، وبتعبير آخر: يستلزم توجّه أمر إليه بالخصوصيّة لا بذي الخصوصيّة؛ لأنّ المرتبة الشديدة من الملاك المستوجبة لأمر آخر إنّما هي في الخصوصيّة، بينما دليل عدم الإجزاء وهو إطلاق دليل الأمر بالصلاة الاختياريّة إنّما يدلّ بظاهره على الأمر بذي الخصوصيّة، وهي الصلاة القياميّة مثلا، لا بالخصوصيّة وهي القيام في الصلاة، وهذا غير محتمل سواء قلنا بالإجزاء أم قلنا بعدم الإجزاء؛ إذ على الإجزاء يكون الملاك بنفسه وبمرتبته في الجامع، فلا مبرّر للأمر بصلاة



(1) على أنّ فرض الأمر الاضطراريّ مقيّداً بما إذا لم يأتِ بالفعل الاختياريّ هدمٌ لأصل هذا الدليل؛ إذ الأمر الاضطراريّ المقيّد بذلك ليس بأحسن حالا من الأمر بالجامع في المنع عن حكم العقل بترك الحصّة الاضطراريّة وعدمه.