المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

213

الكاشف العرفيّ عبارة عن عدم التقييد حينما يمكنه التقييد، وإلّا فلعلّه لم يقيّد من باب أنّه لم يتمكّن من ذلك، فليس كاشفاً عن الإطلاق.

وهذا البيان ـ بحسب الحقيقة ـ مبنيّ على أن يفرض: أنّ الدالّ عرفاً على الإطلاق إنّما هو عدم بيان التقييد مع إمكان بيانه. وأمّا لو قلنا: إنّ الدالّ عرفاً على الإطلاق عدم بيان ما يخالف الإطلاق ولو كان هو الإهمال الذي هو في قوّة التقييد بناءً على مبنى هذا الاعتراض، فالكاشف عن الإطلاق موجود، فإنّه وإن لم يكن يمكنه نصب القرينة على التقييد، ولكن كان يمكنه نصب القرينة على الإهمال ولم ينصب(1).

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه: أنّه على مسلك المشهور لا يتمّ الإطلاق اللفظيّ(2).



(1) فمبنيّاً على ذلك لا يتمّ هذا الاعتراض، ولكن الاعتراض الثاني قد عرفت تماميّته.

هذا بناءً على التسليم بوجود عالم وسط بين عالم الغرض وعالم البيان اسمه عالم الجعل. وأمّا إذا أنكرنا ذلك، وقلنا: إنّ عالم البيان يكشف رأساً عن عالم الغرض، ففي عالم الغرض لا يتصوّر الإهمال، وينحصر الأمر في الإطلاق والتقييد، ولا يبقى موضوع للاعتراض الثاني، ولكن يتسجّل الاعتراض الثالث بلا إشكال، وهو: أنّ عدم التقييد عند عدم إمكانه لا يدلّ عرفاً على إطلاق الغرض.

(2) لا يخفى: أنّه قد يقال بناءً على مسلك متمّم الجعل بتماميّة الإطلاق اللفظيّ، بدعوى: أنّ متمّم الجعل يبيّن عرفاً بلسان التقييد بقصد القربة. إلّا أنّ هذا لا يتمّ على مسلكهم؛ إذ لا يقولون: إنّ البيان العرفيّ لمتمّم الجعل هو لسان التقييد، فصحّ أن يقال: إنّه على مسلك القائلين بعدم إمكان تقييد الجعل الأوّل لا يمكن إثبات التوصّليّة بالإطلاق حتّى عند القائل بمتمّم الجعل؛ لأنّ إطلاق الجعل الأوّل لا يعني عدم التقييد بقصد القربة بالجعل الثاني.