المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

211

فإن قيل: إنّ الإطلاق في الجعل يكشف عن إطلاق الغرض. قلنا: إنّه إنّما يكشف عن ذلك لو أمكنه أن لا يطلق الجعل فأطلق، فيكون ذلك كاشفاً عن إطلاق الغرض؛ لأنّ الجعل يتبع الغرض، أمّا إذا لم يمكنه عدم الإطلاق، فإطلاق الجعل لا يكشف عن إطلاق الغرض كما هو واضح.

وهذا الاعتراض تحقيقه يتوقّف على مطلب أشرنا إليه، وهو: أنّ المهمل بمعنى الطبيعة التي لم يلحظ فيها التقييد ولا الإطلاق هل هو في قوّة المطلق؛ لأنّ الطبيعة بذاتها تقتضي السريان، وهو الذي سمّيناه بالإطلاق الذاتي، أو في قوّة المقيّد؟

فإن قلنا بأنّ المهمل في قوّة المطلق، صحّ هذا الاعتراض؛ إذ عندنا ـ في الحقيقة ـ شقّان: مقيّد ومطلق؛ لأنّ المهمل يرجع إلى المطلق، فإذا امتنع التقييد وجب الإطلاق، وهذا الإطلاق الضروريّ في عالم الجعل لا يكشف عن الإطلاق الغرضيّ.

وإن قلنا بأنّ المهمل ليس في قوّة المطلق، بل في قوّة المقيّد، فحينئذ لابدّأن نلاحظ البراهين التي بها برهنّا على استحالة التقييد وأخذ قصد القربةفي متعلّق الأمر؛ لنرى: هل تقتضي أيضاً استحالة المهمل الذي هو في قوّة المقيّد، أو لا؟

فإن اتّبعنا برهان لزوم الدور للمحقّق النائينيّ (رحمه الله) اقتضى ذلك استحالة الإهمال أيضاً؛ لأنّ المكلف لا يقدر عند الاهمال على الامتثال إلّا مع وجود الأمر ـ على حدّ تعبير المحقّق النائينيّ (رحمه الله) ـ أو مع وصول الأمر ـ على حدّ تعبيرنا ـ وعليه، فأيضاً يجب الإطلاق؛ لأنّ المقيّد والمهمل كلاهما محال، ومع ضروريّة الإطلاق في الجعل لا يكون ذلك كاشفاً عن الإطلاق الغرضيّ الذي هو المقصود في المقام.

وإن اتّبعنا البراهين الثلاثة الأخيرة من البراهين التي اخترناها للاستحالة، فهي إنّما تبرهن على استحالة التقييد دون الإهمال الذي هو في قوّة التقييد، وعليه، فلا يتعيّن