المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

197

والتقييد متباينان ثبوتاً، والثاني مستحيل، والأوّل ممكن، بل واقع، وهو الفارق الثبوتيّ بين الأمر التعبّديّ والأمر التوصّليّ بالنحو الذي عرفت، ولكن بحسب مقام الإثبات هناك تعبير واحد يصلح أن يكون بياناً لكلّ من هذين المطلبين الثبوتيّين اللذين أحدهما مستحيل وهو التقييد، والآخر ممكن وهو التجدّد، وحيث إنّ التقييد الإثباتيّ بيان عرفيّ للتجدّد، كفى ذلك في الوصول إلى ما هو المهمّ من هذا البحث من نفي القربيّة بالإطلاق، كما سوف يأتي حينما ندخل في صلب البحث.

والمتحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ الأمر التعبّديّ من زاوية عالم الثبوت والحقيقة عبارة عن الأمر المتجدّد بالتفصيل الذي عرفت، ومن زاوية عالم الإثبات عبارة عن الأمر المتقيّد بقصد القربة. هذا.

وبالإمكان أن يقال: إنّ التقييد الثبوتيّ بقصد القربة الذي قلنا: إنّه محال ليس محالا على الإطلاق ومن كلّ آمر، بل هو محال استحالة مقيّدة. وتوضيح ذلك: أنّ بعض المحالات مستحيل من أيّ فاعل كالجمع بين الضدّين، فإنّه مستحيل من أيّ فاعل ذكيّاً كان أو بليداً، مطّلعاً على بعض الاُمور أو لا، وهناك بعض استحالات تختصّ ببعض الأشخاص، مثلا العبد المشلول يستحيل توجّه الأمر إليه من قبل المولى الذي يعرف أنّه مشلول، ولكن لا يستحيل من مولىً يتخيّل أنّه في تمام الصحّة والسلامة.

فهل الاستحالة فيما نحن فيه استحالة مطلقة، أو مقيّدة؟

لابدّ أن ننظر إلى براهين هذه الاستحالة لكي نعرف أنّها مطلقة أو مقيّدة، فنقول: قد مضى منّا اختيار براهين أربعة لإثبات استحالة أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر، والبرهان الثاني وهو لزوم التهافت في اللحاظ ينتج استحالة مطلقة، فإنّ التهافت في اللحاظ مستحيل من أيّ شخص كان، وأمّا إذا تخلّصنا من هذا البرهان ولو