المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

151

ويمكن أن يعترض على هذا الجواب بإشكالين:

الإشكال الأوّل: أنّ هذا الجواب مبنيّ على القول بأنّ الأمر الاستقلاليّ الواحد المتعلّق بالمقيّد أو المركّب ينحلّ إلى حصص وقطع ضمنيّة، من قبيل انحلال البياض على الورقة بتقطّع الورقة مثلاً، لكن هذا الانحلال غير صحيح؛ لأنّ المقيّد أو المركّب لا يكون متعلّقاً لأمر استقلاليّ واحد، إلّا إذا لبس ثوب الوحدة ولو في عالم الذهن والاعتبار، واُفق ثبوت الحكم وعروضه؛ إذ لو كان في ذلك الاُفق متعدّداً لم يعقل عروض حكم واحد عليه، وإذا لبس ثوب الوحدة في ذلك الاُفق بوجه من الوجوه، فلا معنى لانحلال ذلك الحكم الواحد.

وفيه: أنّ القائل بالانحلال لا يقول بتعدّد حصص الوجوب بلحاظ اُفق الاعتبار والصورة الذهنيّة، بل بلحاظ محكيّها. وتوضيحه: أنّ الصورة الذهنيّة التي فرضت واحدة إنّما صارت معروضة للحكم بلحاظ فنائها في الخارج، بداهة: أنّ المولى لا يوجب علينا صورته الذهنيّة بما هي، فالمولى إنّما يوجب تلك الصورة باعتباره يراها كأنّها العمل الخارجيّ، وبهذا النظر يُرى ـ لا محالة ـ أنّ لها قطعاً وأجزاء، فهي وإن فرض عروض ثوب الوحدة عليها في عالم الذهن والاعتبار، فاستطاعت أن تقبل حكماً واحداً، ولكن في نفس الوقت إنّما أوجبها المولى



فمثلاً لو كان مطلوب المولى هو أن يسافر العبد إلى الهند ويفعل فعلاً معيّناً في الهند، فقد لا يكون هذا محرّكاً للعبد إلى السفر إلى الهند والإتيان بالفعل المعيّن، لكن لو صار له بوجه من الوجوه داع للرواح إلى الهند، فقد يدعوه الأمر المتعلّق بالمجموع المركّب من الرواح للهند والفعل المعيّن إلى أن يفعل ذلك الفعل، وليس معنى داعويّة الأمر الضمنيّ ـ في الحقيقة ـ إلّا داعويّة الأمر الاستقلاليّ إلى جزء من أجزاء الواجب.