المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

150

إمكان حصول القدرة بالأمر وقت العمل، أي: عن قضيّة شرطيّة، وهي: أنّه لو أمر، لكان قادراً وقت العمل، وهذا مطلب واقعيّ ثابت قبل الأمر.

وهذا الذي ذكرناه غير ما يقال: من أنّ الأمر يشترط فيه القدرة وقت العمل، فإنّ هذا لا يدفع إشكال الدور؛ لأنّه إن فرض الأمر مشروطاً بالقدرة في وقت العمل، قلنا: إنّ القدرة في وقت العمل أيضاً مشروطة بالأمر، وهذا دور، وإنّما الجواب هو أن نقول: إنّ الأمر ليس متوقّفاً ولا مشروطاً بالقدرة، لا حينه ولا وقت العمل، بل مشروط بإمكان القدرة بالمعنى الذي عرفت، وبرهان الاشتراط إنّما هو حكم العقل، والعقل لا يأبى عن تكليف العاجز إذا كان نفس التكليف موجباً لزوال العجز.

الثالث: أن يقال: إنّ الأمر إذا تعلّق بالفعل بقصد امتثال الأمر، أصبح المكلّف عاجزاً عن الفعل بقصد الامتثال، فيكون أمراً بغير المقدور؛ وذلك لأنّ ذات الفعل غير متعلّق للأمر، فكيف يستطيع أن يأتي به بقصد الأمر، وإنّما الأمر تعلّق بمجموع الفعل وقصد الامتثال بنحو التركيب أو التقييد.

وهناك جواب مشهور عن هذا الإشكال، وهو: أنّ ذات الفعل وإن لم يكن متعلّقاً للأمر الاستقلاليّ، لكنّه قد نال أمراً ضمنيّاً وحصّةً من الأمر بلحاظه جزءاً من المجموع المأمور به، حيث إنّ الأمر الاستقلاليّ الواحد ينحلّ إلى أوامر ضمنيّة بعدد الأجزاء والقيود، فيصحّ أن يؤتى به بقصد امتثال ذلك الأمر الضمنيّ، وفي سائر الموارد لا يمكن قصد امتثال أمر ضمنيّ مستقلاًّ في جزء من الأجزاء، لكن في خصوص المقام يمكن ذلك؛ لكون نفس هذا القصد محقّقاً للجزء أو القيد الآخر(1)، فيتمّ العمل.



(1) وبكلمة اُخرى: إنّ الأمر إذا تعلّق بشيء مركّب، وكان الإنسان له داع آخر إلى أحد جزئيه، فقد يدعوه ذلك الأمر إلى الجزء الآخر ولو فرض عدم داعويّته إلى الكلّ،