المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

148

المعروف بين المحقّقين عدم إمكانه، وقد برهن على ذلك بعدّة بيانات لا حاجة إلى استعراض تمامها؛ لأنّ جملة منها: إمّا تكرار، أو لا تستحقّ التعرّض، فنتعرّض إلى جملة من البيانات التي تتحصّل من كلماتهم في المقام:

الأوّل: ما يظهر من عبارة الكفاية(1)، حيث يقول: ما لا يكاد يتأتّى إلّا من قبل الأمر لا يمكن أن يؤخذ في متعلّق الأمر. وحاصل هذا البيان لزوم الدور والتهافت؛ لأنّ قصد امتثال الأمر ـ بحسب طبعه ـ متأخّر رتبة عن الأمر؛ إذ لا يعقل وجوده إلّا بعد فرض أمر، فلو كان مأخوذاً في متعلّقه، للزم كونه بلحاظ آخر أسبق رتبة من الأمر؛ لأنّ متعلّق الأمر أسبق رتبة من الأمر، وهذه الأسبقيّة ثابتة على كلّ حال وإن كان هناك اختلاف في تفسيرها وتكييفها؛ فإنّه إن قيل بأنّ الأمر مع متعلّقه موجودان بوجودين، كان تأخّره عنه تأخّراً وجوديّاً بلحاظ الرتبة من باب تأخّر العارض عن معروضه؛ لأنّ نسبة الأمر حينئذ إلى متعلّقه نسبة العرض إلى محلّه مثلاً، وإن قيل: إنّ الأمر مع متعلّقه، وكذلك الإرادة مع متعلّقها، والحبّ مع متعلّقه ونحو ذلك موجودان بوجود واحد في اُفق نفس الآمر، أو المريد والمحبّ، إذن فالأمر ليس متأخّراً عن متعلّقه بالوجود رتبةً، لكنّه متأخّر عنه بالطبع على حدّ تأخّر زيد عن الإنسان بالطبع، فمع أنّ زيداً والإنسان موجودان بوجود واحد تكون الإنسانيّة متقدّمة على زيد بالطبع؛ فإنّ الميزان في التقدّم بالطبع أنّه كلّما كان للمتأخّر وجود فللمتقدّم وجود، دون العكس، فكلّما كان لزيد وجود كان للإنسانيّة وجود، بينما يمكن فرض وجود الإنسانيّة في ضمن غير زيد. وفي المقام كلّما كان للأمر بالصلاة مثلاً وجود، فللصلاة وجود في اُفق نفس الآمر، دون العكس؛ إذ قد يتصوّر الصلاة ولا يأمر بها.



(1) ج 1، ص 109 بحسب طبعة المشكينيّ.