المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

142

وثانياً: النقض بسائر الموارد، من قبيل ما لو قال: «صلِّ»، ثُمّ قيّد بعد ذلك المادّة باشتراط الطهارة واستقبال القبلة وغير ذلك، بناءً على عدم دخول هذه القيود في نفس المسمّى، ثُمّ فعل ما كان فاقداً لأحد هذه الشروط، فشكّ في سقوط الواجب بذلك، أفلا يتمسّك صاحب هذا الوجه بإطلاق الهيئة لإثبات بقاء الوجوب؟

وثالثاً: أنّ دعوى كون إطلاق المادّة مقيّداً لإطلاق الهيئة غير صحيحة من أساسها؛ فإنّ الشيء الواجب لا تسقط فعليّة وجوبه بالإتيان به، وإنّما تسقط فاعليّة وجوبه بذلك، فقوله مثلاً: «صلِّ» يحرّك عقلاً نحو صرف الوجود، فإذا وجد صرف الوجود فلا معنى بعد ذلك لتحريكه نحوه، وهذا معناه: سقوطه عن الفاعليّة والتأثير، لا سقوط فعليّة الوجوب، وتفصيل ذلك في محلّه من بحث الترتّب.

ورابعاً: لو سلّمنا أنّ إطلاق الهيئة يكون مفاده مقيّداً، لكن من قال بأنّه مقيّد بعدم وقوع المادّة بعنوانها، بأن يكون وجوب الصلاة في «صلِّ» مقيّداً بعدم الإتيان بالصلاة، ووجوب الغسل في «اغسل» مقيّداً بعدم الغسل وهكذا؟ بل هناك قيد عقليّ واحد للكلّ، وهو قيد عدم الامتثال ولو ببرهان استحالة بقاء الوجوب بعد امتثاله، وإطلاق المادّة يوجب تحقّق الامتثال بالحصّة غير الاختياريّة، فيسقط الوجوب. وأمّا إذا قيّد إطلاقها ـ ولو بمنفصل ـ بالحصّة الاختياريّة، فلا يحصل الامتثال بالحصّة غير الاختياريّة، فيبقى الوجوب، فالقيد قيد واحد لا يزيد ولا ينقص وهو عدم الامتثال، وقد فرض عدم الامتثال(1).



(1) وبكلمة اُخرى أدقّ: إنّ قيد كلّ أمر ليس هو عدم الإتيان بالمتعلّق المفهوم من الكلام بقيوده المتّصلة فحسب، بل هو عدم الإتيان بما هو متعلّق الأمر واقعاً، فإنّ هذا هو الذي دلّ عليه المقيّد العقليّ ـ لو فرض ـ القائل بأنّ الأمر يسقط بامتثاله.