المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

133

يستصحب الوجوب، أو يقال: إنّ الاشتغال اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقينيّ،فالمورد إنّما هو مجرىً لأصالة البراءة.

الثاني: أن يكون الوجوب مشروطاً بعدم إتيان الغير بنحو الشرط المقارن، فالوجوب في كلّ ساعة مشروط بعدم إتيان الغير في تلك الساعة، أي: أنّ فعل الغير يكون مسقطاً للوجوب من حينه، لا كاشفاً عن عدم الوجوب من أصله.

وحينئذ، فإن قبلنا جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ـ كما هو الصحيح ـ جرى، وإن منعناه أو قطعنا النظر عنه، فهل تجري البراءة أو أصالة الاشتغال؟ فيه تفصيل.

وتوضيح ذلك: أنّ احتمال مسقطيّة فعل الغير يكون لأحد وجوه ثلاثة:

1 ـ احتمال كون فعل الغير مستوفياً للغرض المولويّ، فيسقط به التكليف لحصول الملاك.

وهذا الاحتمال يستلزم ثبوتاً كون الوجوب مقيّداً من أوّل الأمر بعدم إتيان الغير ولو بنحو الفرد المتأخّر حينما لم يمكن التكليف بالجامع بين فعل نفسه وفعل غيره، فهذا داخل في الفرض السابق، دون هذا الفرض، وهو فرض الشرط المقارن، وقد عرفت أنّه تجري فيه البراءة.

2 ـ احتمال كون فعل الغير موجباً لسقوط رغبة المولى، لا من باب حصول الملاك، بل من باب أنّه يخرج الملاك عن كونه محبوباً للمولى، وهذا طبعاً غير وارد في الشرعيّات عادة. وعلى أيّ حال، فالحكم فيه هو البراءة، سواء فرض ذلك بنحو كفاية الفرد المتأخّر أو فرض بنحو الشرط المقارن.

أمّا إذا فرض بنحو كفاية الفرد المتأخّر، فقد مضى حاله، وعرفت أنّه تجري البراءة؛ لأنّ الشكّ في أصل الوجوب ابتداءً، وإن فرض بنحو الشرط المقارن، فالوجوب ابتداءً وإن كان ثابتاً ـ والمفروض عدم استصحابه ـ لكن الشكّ الآن في أصل المحبوبيّة والغرض، لا في تحقّقه أو في القدرة على إيجاده.