المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

132

مقتضى الأصل العمليّ:

وأمّا المقام الثاني: وهو مقتضى الأصل العمليّ في ذلك، فالمعروف أنّه لابدّ من الاحتياط، ويقرّب ذلك بوجهين:

1 ـ إجراء استصحاب بقاء الوجوب بعد أن فعل الغير.

2 ـ إنّه مع قطع النظر عن جريان الاستصحاب، أو منع جريانه في الشبهات الحكميّة توجد عندنا أصالة الاشتغال؛ لأنّ أصل توجّه التكليف يقينيّ، ويكون الشكّ في السقوط، فيكون مجرىً لأصالة الاشتغال، والاشتغال اليقينيّ يستدعي البراءة اليقينيّة.

وتحقيق الكلام في المقام: أنّ الشكّ تارةً يكون شكّاً في السقوط بفعل الغير، بمعنى احتمال كون فعل الغير مصداقاً للواجب بناءً على ما ذكرنا من تعقّل تعلّق التكليف بالجامع بين فعله وفعل غيره، خصوصاً التسبيبيّ منه، فيعقل أن يكون مرجع الشكّ في المقام إلى الشكّ في دائرة الفعل الواجب، ودوران أمر الواجب بين الوسيع والضيّق، فالجامع معلوم الوجوب والخصوصيّة مشكوكة الوجوب، وعندئذ تجري البراءة على ما هو المقرّر في بحث دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر.

واُخرى يفرض: أنّنا علمنا بوجه من الوجوه بأنّ الواجب هو عبارة عن الفعل المباشر، وكان الشكّ في تقييد الوجوب، وأنّه هل يختصّ بما إذا لم يأتِ به الغير، أو لا؟ وعندئذ فهنا تفصيل؛ وذلك لأنّ تقيّد الوجوب بعدم إتيان الغير يتصوّر بنحوين:

الأوّل: أن يكون الوجوب متقيّداً بعدم إتيان الغير ولو بشكل متأخّر، بحيث لو أتى الغير بالفعل ولو بعد عدّة أيّام كشف عن عدم الوجوب من أوّل الأمر، وقد أتى به الغير ولو متأخّراً.

وفي هذا القسم لا معنى لجريان استصحاب الوجوب، ولا لأصالة الاشتغال؛ لشكّنا في تحقّق الوجوب من أوّل الأمر، فلا يقين بالوجوب والاشتغال حتّى