المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

128

مقتضى الأصل اللفظيّ:

المقام الأوّل: وهو مقتضى الأصل اللفظيّ في ذلك.

فقد ذكر السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ: أنّ مقتضى القاعدة هو عدم السقوط؛ لأنّ الشكّ ليس شكّاً في سعة دائرة الواجب وضيقه، بل في سعة دائرة الوجوب وضيقه؛ إذ لو فرض: أنّ الوجوب كان يسقط بفعل الغير، فليس معنى هذا: أنّ دائرة الواجب أعمّ من فعله وفعل غيره؛ لأنّ فعل الغير ليس داخلاً في قدرة المكلّف، وإنّما معنى ذلك: أنّ وجوب الفعل عليه مشروط بعدم فعل الغير، فإذا شكّ في ذلك كان مقتضى الإطلاق بحكم مقدّمات الحكمة عدم تقيّد الوجوب بهذا الشرط(1).

ويرد عليه: أوّلاً: أنّ فعل الغير وإن لم يكن تحت قدرته إذا لم يكن فعلاً تسبيبيّاً للمكلّف، ولكن إذا كان فعلاً تسبيبيّاً له كان داخلاً تحت قدرته بالواسطة، حيث إنّه يقدر عليه بالتسبيب إليه: إمّا بالإيجاب والإلجاء في الأفعال التي يتصوّر فيها ذلك، وإمّا بقدح الداعي في نفس الفاعل حينما يكون قادراً على ذلك، فتكون هذه الحصّة من فعل الغير ـ أعني: الفعل التسبيبيّ ـ مقدورة له، ولذا يمكن الأمر بها مباشرة بأن يأمره المولى مثلاً بصلاة ابنه، فيعقل تعلّق الأمر بالجامع بين فعله وفعل غيره التسبيبيّ له.

وثانياً: أنّنا لو فرضنا أنّ فعل الغير لم يكن مقدوراً له، فالسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ قد ذكر في المسألة الثانية: أنّه يعقل تعلّق التكليف بالجامع بين فعل الشخص الصادر منه بالاختيار وفعله غير الاختياريّ؛ لأنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور(2)، فكذلك نقول نحن هنا، فإنّ نسبة فعل الغير والفعل غير الاختياريّ



(1) راجع محاضرات الفيّاض، ج 2، ص 142 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

(2) المصدر السابق، ص 149. والوارد في المحاضرات مشتمل على الالتفات إلى إمكان فرضيّة التهافت بين ما قاله في المسألة الاُولى: من استحالة شمول إطلاق المادّة