المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

124

وعلى أيّ حال، فقد عرفت أنّ مقتضى الصناعة ـ لولا قرينة خاصّة ـ تعيّن الوجه الأوّل من الوجوه الأربعة لتفسير دلالة الجملة الخبريّة على الطلب، وهو يقتضي الدلالة على الوجوب.

وأمّا على مسلك السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ الذي يقول بكون الجملة الخبريّة مستعملة رأساً في معنىً جديد، فإن كان هذا المعنى الجديد عبارة عمّا يقوله من وضع الفعل في العهدة، فيدلّ ذلك على الوجوب: إمّا من باب حكم العقل بالوجوب بمجرّد طلب المولى ما لم يرد الترخيص في الخلاف، وهو ما اختاره السيّد الاُستاذ، أو من باب: أنّ العهدة ارتكز عقلائيّاً كونها في باب الضمانات وعاء



أقول: يمكن أن يدّعى استظهار الوجوب في المقام ببيان آخر، وهو: أنّ المولى قد أبرز طلبه بلسان كان في الأصل لسان الإخبار عن التحقّق لا الطلب والشوق، وهذا يناسب عرفاً شدّة الشوق إلى التحقّق؛ فإنّ من يشتدّ شوقه إلى شيء فكأنّه يفترض تحقّقه. وهذا بيان يأتي على كلّ وجوه دلالة الجملة الخبريّة على الوجوب، بل قد يقال على أساسه: إنّ دلالة الجملة الخبريّة آكد من دلالة صيغة الأمر عليه.

وقد استفاد الآخوند (رحمه الله) في الكفاية(1) من هذه النكتة ببيان: أنّ الجملة الخبريّة مستعملة في نفس معنى الخبر والحكاية، فتدلّ على الوجوب بشكل آكد. والسيّد الخوئيّ (رحمه الله) بما أنّه يعتقد: أنّه لم تستعمل الجملة الخبريّة الدالّة على الطلب في نفس معنى الخبر والحكاية أنكر آكديّة دلالتها على الوجوب، ولكن الواقع: أنّ نفس التلبّس باللباس المناسب للخبر يعطي عرفاً بالمناسبة هذه الآكديّة، سواء كان المدلول المستعمل فيه الكلام هو الخبر أو لا.


(1) ج 1، ص 105 بحسب طبعة المشكينيّ.