المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

123

تصوّراً الإرادة، فقد يقال: إنّ شدّة الإرادة أيضاً إرادة، فقد دخلت فيما هو المتصوَّر بخلاف ضعفها. وأمّا فيما نحن فيه فالإرادة إنّما فهمت بالدلالة التصديقيّة والكشف، وواضح جدّاً أنّ شدّة الإرادة لم تكشف كما أنّ ضعفها لم يكشف(1).



(1) الإطلاق عبارة عن أصالة عدم زيادة المراد الجدّيّ على المراد الاستعماليّ، فلو قال مثلاً: «أكرم العالم» وعرفنا بأصالة الحقيقة: أنّ المراد الاستعماليّ غير مشتمل على قيد العدالة، قلنا: إنّ المراد الجدّيّ أيضاً غير مشتمل عليه؛ لأنّه قيد زائد على المراد الاستعماليّ منفيّ بأصالة الإطلاق، وفي صيغة الأمر يفترض أنّ المدلول التصوّريّ الموضوع له اللفظ عبارة عن النسبة الإرساليّة أو الإرادة، ويفترض أنّ المراد الاستعماليّ أيضاً بحكم أصالة الحقيقة ليس إلّا الكشف عن ذلك، ويفترض في مبنى الشيخ العراقيّ (رحمه الله): أنّ الاستحباب إن كان هو المقصود جدّاً فهو مشتمل على الزيادة، وهو الحدّ العدميّ المباين للمحدود، بخلاف الوجوب الذي حدّه وجوديّ، فهو من سنخ المحدود، فأصالة الإطلاق تعيّن الوجوب.

وأمّا الجملة الخبريّة فالمفروض أنّها موضوعة للنسبة الصدوريّة، والمفروض: أنّ المراد الجدّيّ ليس عبارة عن الكشف عنها، بل عبارة عن الكشف عن الإرادة أو النسبة الإرساليّة، فإمّا أنّ المراد الاستعماليّ اختلف عن المدلول التصوّريّ الموضوع له اللفظ، فأصالة الحقيقة منخرمة في المقام، فيأتي عندئذ احتمال كون المدلول الاستعماليّ عبارة عن النسبة الوجوبيّة، أو الإرادة الوجوبيّة، أو أنّ المراد الاستعماليّ عبارة عن إرادة نفس المدلول التصوّريّ الوضعيّ، ولكن المراد الجدّيّ اختلف عن المراد الاستعماليّ، ولم يكن عبارة عن الكشف عن جدّيّة نفس المراد الاستعماليّ، فالمراد الجدّيّ هو الكشف عن الإرادة أو النسبة الإرساليّة، فهنا لا معنىً للتمسّك بأصالة الإطلاق لإثبات الوجوب بدعوى: أنّ الاستحباب أكبر من المراد الاستعماليّ؛ لاشتماله على القيد العدميّ؛ وذلك لما عرفت من تباين المراد الجدّيّ عن الاستعماليّ أساساً.